للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ مُوَافَقَةٌ وَلَا اخْتِلَافٌ، وَلَا يُنْسَبُ إلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ وَلَا عَمَلٌ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إلَى كُلٍّ قَوْلُهُ وَعَمَلُهُ.

وَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ادِّعَاءَ الْإِجْمَاعِ فِي كَثِيرٍ مِنْ خَاصِّ الْأَحْكَامِ لَيْسَ كَمَا يَقُولُ مَنْ يَدَّعِيهِ. اهـ وَحِينَئِذٍ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَنْزِلَ الْقَوْلَانِ عَلَى حَالَيْنِ، فَقَوْلُ النَّفْيِ عَلَى مَا إذَا صَدَرَ مِنْ حَاكِمٍ، وَقَوْلُ الْإِثْبَاتِ عَلَى مَا إذَا صَدَرَ مِنْ غَيْرِهِ، وَالنَّصُّ الَّذِي سُقْنَاهُ مِنْ الرِّسَالَةِ " شَاهِدٌ لِذَلِكَ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ تَفْصِيلَ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ الْآتِيَ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَنْزِيلِ الْقَوْلَيْنِ طَرِيقِينَ: أَحَدَهُمَا: حَيْثُ أَثْبَتَ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إجْمَاعٌ، أَرَادَ بِذَلِكَ عَصْرَ الصَّحَابَةِ، كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ لِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ، وَحَيْثُ قَالَ: لَا يُنْسَبُ لِسَاكِتٍ قَوْلٌ أَرَادَ بِذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُمْ.

وَهَذَا أَوْلَى مِنْ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ، كَمَا ظَنَّ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ فِي الْمَعَالِمِ "، وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا سَيَأْتِي مِنْ كَلَامِ جَمَاعَةٍ تَخْصِيصُ الْمَسْأَلَةِ بِعَصْرِ الصَّحَابَةِ. وَالثَّانِيَ: أَنْ يُحْمَلَ نَفْيُهُ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقَضَايَا الَّتِي تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى، وَيُحْمَلُ الْقَوْلُ الْآخَرُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ كَذَلِكَ، كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيَّ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَبِالْقِيَاسِ مِمَّا يَتَكَرَّرُ، وَتَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقِينَ مُحْتَمَلٌ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ التِّلِمْسَانِيِّ الثَّانِيَ مِنْهُمَا. قُلْت: النَّصُّ الَّذِي سُقْنَاهُ مِنْ الْأُمِّ يَدْفَعُ كُلًّا مِنْ الطَّرِيقَيْنِ، فَإِنَّهُ نَفَاهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>