للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّنْيَا؛ فَجَمِيعُ ذَلِكَ قَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَنْزِيهِ الْمَسَاجِدِ عَنْهُ وَكَرَاهِيَةِ فِعْلِهِ. وَيَتَقَدَّمُ [الْمُحْتَسِبُ] إلَى جِيرَانِ كُلِّ مَسْجِدٍ بِالْمُوَاظَبَةِ (١) عَلَى صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ الْآذَانِ؛ لِإِظْهَارِ مَعَالِمِ الدِّينِ وَإِشْهَارِ شِعَارِ الْإِسْلَامِ، سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ لِكَثْرَةِ الْبِدَعِ وَاخْتِلَافِ الْأَهْوَاءِ، وَتَنَوُّعِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَمَا قَدْ صَرَّحُوا بِهِ مِنْ تَعْطِيلِ الشَّرِيعَةِ وَإِبْطَالِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ؛ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إظْهَارُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ، وَإِشْهَارُ الشَّرِيعَةِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، لِتَقْوَى عَقَائِدُ الْعَامَّةِ.

[فَصْلٌ] (٢)

وَلَا يُؤَذِّنُ فِي الْمَنَارَةِ إلَّا عَدْلٌ ثِقَةٌ أَمِينٌ عَارِفٌ بِأَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ، وَالْأَئِمَّةُ ضُمَنَاءُ، فَرَحِمَ اللَّهُ الْأَئِمَّةَ، وَغَفَرَ لِلْمُؤَذِّنِينَ» وَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَمْتَحِنَهُمْ بِمَعْرِفَةِ الْأَوْقَاتِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ ذَلِكَ مَنَعَهُ مِنْ الْأَذَانِ حَتَّى يَعْرِفَهَا؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَذَّنَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ، فَيَسْمَعُهُ الْعَامَّةُ فَيُصَلُّونَ قَبْلَ الْوَقْتِ، فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُمْ، فَيَكُونَ هُوَ السَّبَبَ فِي إفْسَادِ صَلَاةِ النَّاسِ؛ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ الْوَقْتِ، وَيَقْرَأُ بَابَ الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ (٣) فِي الْفِقْهِ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ صَبِيًّا (٤) حَسَنَ الصَّوْتِ. وَيَنْهَى الْمُحْتَسِبُ عَنْ النَّعْيِ فِي الْأَذَانِ، وَهُوَ التَّطْرِيبُ وَالتَّمْطِيطُ؛ وَيَأْمُرُهُ (٥) إذَا صَعَدَ الْمَنَارَةَ أَنْ يَغُضَّ بَصَرَهُ عَنْ النَّظَرِ إلَى دُورِ النَّاسِ، وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ الْعَهْدَ فِي ذَلِكَ؛ وَلَا يَصْعَدُ إلَى الْمَنَارَةِ غَيْرُ الْمُؤَذِّنِ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ. وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِمَنَازِلِ الْقَمَرِ وَشَكْلِ كَوَاكِبِ كُلِّ مَنْزِلَةٍ، لِيَعْلَمَ أَوْقَاتَ اللَّيْلِ وَمُضِيَّ سَاعَاتِهِ، وَهِيَ ثَمَانٍ (٦) وَعِشْرُونَ مَنْزِلَةً: الشَّرَطَانِ (٧)، وَالْبُطَيْنُ (٨)، وَالثُّرَيَّا، وَالدَّبَرَانُ، وَالْهَقْعَةُ (٩)، وَالْهَنْعَةُ، وَالذِّرَاعُ، وَالنَّثْرَةُ،


(١) في س "المواضبة"، وما هنا من ص، م.
(٢) الإضافة من ص، م.
(٣) في س "الإقامة" وما هنا من ل.
(٤) في س "صيتا"، وما هنا من هـ.
(٥) الضمير عائد على المؤذن.
(٦) في س "ثمانية"، والتصويب من ل، م.
(٧) في س "الشرطين"، والتصويب من ل، والمخصَّص، ج ٩، ص ٩.
(٨) ليس لواو العطف بين هذه الأسماء وجود في س، وهي واردة في لي فقط.
(٩) بغير نقط في س، وما هنا من ص، ل، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>