للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالسَّيْرِ ونردشير (١)، وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْقِمَارِ؛ وَلَا يَضْرِبُ صَبِيًّا بِعَصًا غَلِيظَةً تَكْسِرُ الْعَظْمَ، وَلَا رَقِيقَةً تُؤْلِمُ الْجِسْمَ، بَلْ تَكُونُ وَسَطًا؛ وَيَتَّخِذُ مِجْلَدًا عَرِيضَ السَّيْرِ، وَيَعْتَمِدُ فِي ضَرْبِهِ (٢) عَلَى اللَّوَايَا وَالْأَفْخَاذِ وَأَسَافِلِ الرِّجْلَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ لَا يُخْشَى مِنْهَا مَرَضٌ وَلَا غَائِلَةٌ.

فَصْلٌ

وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُؤَدِّبِ أَنْ يَسْتَخْدِمَ أَحَدَ الصِّبْيَانِ فِي حَوَائِجِهِ وَأَشْغَالِهِ الَّتِي فِيهَا عَارٌ عَلَى آبَائِهِمْ، كَنَقْلِ الزِّبْلِ وَحَمْلِ الْحِجَارَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَلَا يُرْسِلُهُ إلَى دَارِهِ وَهِيَ خَالِيَةٌ، لِئَلَّا (٣) تَتَطَرَّقَ إلَيْهِ التُّهْمَةُ. وَلَا يُرْسِلُ صَبِيًّا مَعَ امْرَأَةٍ لِيَكْتُبَ لَهَا كِتَابًا (٤)، وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ، فَإِنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْفُسَّاقِ (٥) يَحْتَالُونَ عَلَى الصِّبْيَانِ بِذَلِكَ. وَيَكُونُ السَّائِقُ (٦) لَهُمْ أَمِينًا ثِقَةً مُتَأَهِّلًا؛ لِأَنَّهُ يَتَسَلَّمُ الصِّبْيَانَ فِي الْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ، وَيَنْفَرِدُ بِهِمْ فِي الْأَمَاكِنِ الْخَالِيَةِ، وَيَدْخُلُ عَلَى النِّسْوَانِ؛ فَيَلْزَمُ (٧) أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ.

وَلَا يُعَلِّمُ [الْمُؤَدِّبُ] الْخَطَّ امْرَأَةً وَلَا جَارِيَةً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ الْمَرْأَةَ شَرًّا، وَقِيلَ: إنَّ مَثَلَ الْمَرْأَةِ الَّتِي تَتَعَلَّمُ الْخَطَّ مَثَلُ حَيَّةٍ تُسْقَى سُمًّا. وَيَنْبَغِي [لِلْمُؤَدِّبِ] أَنْ يَمْنَعَ الصِّبْيَانَ مِنْ حِفْظِ شَيْءٍ مِنْ شِعْرِ ابْنِ الْحَجَّاجِ (٨) وَالنَّظَرِ فِيهِ، وَيَضْرِبَهُمْ عَلَى ذَلِكَ،


(١) النردشير - وهو الطاولة المعروفة في مصر - من ألعاب الفرس القديمة، وضعه أردشير أول ملوك الأكاسرة مثالا للدنيا وأهلها؛ وجعله مكوّنا من رقعة يلعب عليها بعددٍ من الحجارة والفصوص والنقط، فرتب الرقعة اثني عشر بيتا بعدد شهور السنة، والحجارة ثلاثين قطعة بعدة أيام الشهر، كما جعل الفصوص بمثابة الأفلاك، ورميها مثل تقلبها ودورانها، والنقط فيها بعدد الكواكب السيارة، كل وجهين منها سبعة. (القلقشندي: صبح الأعشى، ج ص ١٤٨ - ١٤٩).
(٢) في س "بضربه"، وما هنا من ل، هـ.
(٣) في س "ولا يتطرق"، وما هنا من ل، هـ.
(٤) في س "لكتب کتاب"، وما هنا من م.
(٥) في س "العشاق"، وما هنا من ص، م، ل، هـ.
(٦) السائق هنا هو الشخص المكلف بأخذ الصبيان الصغار يوميا إلى المكتب، وردهم إلى بيوتهم بعد انتهاء الدرس. (ابن الحاج: المدخل، ج ص ٣١٥).
(٧) في س "ويلزم"، وما هنا من هـ.
(٨) في س "حجاج"، وما هنا من ل، وابن الأخوة: معالم القربة، ص ١٧ والشاعر المقصود هنا هو أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد بن الحجاج؛ كان من كبار الشيعة، واشتهر شعره بالخلاعة والمجون. وقد تولى حسبة بغداد، وأقام بها مدة في عهد عن الدولة بن بويه، ومات سنة ٣٩١ هـ (١٠٠٠ م) ببلده النيل، الواقعة على الفرات بين بغداد والكوفة. ثم حل ابن الحجاج هذا بعد وفاته إلى بغداد، ودفن عند مشهد موسى بن جعفر رضي الله عنه، وكان قد أوصى بذلك. (ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج ١، ص ١٩٤؛ أبو الفدا: المختصر في أحوال البشر، ج ص ٦٠٤، ٦٠٦؛ =

<<  <  ج: ص:  >  >>