ويستحب في هذا الموقف العظيم أن يكرر الحاج ما تقدم من الأذكار والأدعية، وما كان في معناها من الذكر والدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ويلح في الدعاء، ويسأل ربه من خيري الدنيا والآخرة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا كرر الدعاء ثلاثا، فينبغي التأسي به في ذلك عليه الصلاة والسلام.
ويكون المسلم في هذا الموقف مخبتا لربه سبحانه، متواضعا له، خاضعا لجنابه، منكسرا بين يديه، يرجو رحمته ومغفرته، ويخاف عذابه ومقته، ويحاسب نفسه، ويجدد توبة نصوحا؛ لأن هذا يوم عظيم ومجمع كبير، يجود الله فيه على عباده، ويباهي بهم ملائكته، ويكثر فيه العتق من النار، وما يرى الشيطان في يوم هو فيه أدحر ولا أصغر ولا أحقر منه في يوم عرفة إلا ما رؤي يوم بدر؛ وذلك لما يرى من جود الله على عباده وإحسانه إليهم وكثرة إعتاقه ومغفرته.
وفي صحيح مسلم، عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟ (١) » .
(١) رواه مسلم في (الحج) باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة برقم (١٣٤٨) .