للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يربط هؤلاء بهؤلاء ولا هؤلاء بهؤلاء، كما قال جل وعلا تنبيها على هذا المعنى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (١) يعني بالمتعارف.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث خطبته العظيمة في حجة الوداع «ولهن عليكم (أي للزوجات) رزقهن (أي كسوتهن) بالمعروف (٢) » وقال جل وعلا: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (٣) لإقامة الحجة وقطع المعذرة.

وقال سبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} (٤) وقال عز وجل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (٥) فبين سبحانه وتعالى أنه لا بد من بيان، ولا بد من إقامة حجة حتى لا يؤخذ أحد إلا بعد إقامة الحجة عليه.

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في هذا المعنى في كتابه: (إعلام الموقعين) فصلا عظيما بين فيه أن الشريعة راعت عوائد الناس ومقاصدهم وعرفهم ولغتهم حتى تكون الأحكام والفتاوى على ضوء ذلك، فقد يكون عرف هذه البلدة وهذا الإقليم غير عرف الإقليم الآخر والبلدة الأخرى.

وقد يكون لهذا الشخص النيات والمقاصد ما ليس لشخص آخر ويكون لهؤلاء من العوائد ما ليس للآخرين، وقد تكون أزمان لا يليق أن يفعل فيها ما يليق أن يفعل في الزمن الآخر كما كانت الدعوة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في مكة غير حالها في المدينة لاختلاف الزمان والمكان والقوة والضعف، وهذا من عظيم حكمة الله جل وعلا ورعايته


(١) سورة البقرة الآية ٢٣٣
(٢) صحيح البخاري الحدود (٦٧٧٨) ، سنن أبو داود الحدود (٤٤٨٦) ، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٦٩) ، مسند أحمد بن حنبل (١/١٣٠) .
(٣) سورة الإسراء الآية ١٥
(٤) سورة التوبة الآية ١١٥
(٥) سورة النحل الآية ٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>