للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما لديهم من ضرورات، فكيف تدعى من دون الله، فلهذا قال: {هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ} (١) {أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ} (٢) ماذا أجابوا؟ حاروا وحادوا عن الجواب، لأنهم يعلمون أن هذه الآلهة ليس عندها نفع ولا ضر، وليست تسمع دعاء الداعين ولا تجيبه.

فلهذا قالوا: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (٣) ولم يقولوا إنهم يسمعون أو ينفعون أو يضرون. بل حادوا عن الجواب وأتوا بجواب يدل على الحيرة والشك، بل والاعتراف بأن هذه الآلهة لا تصلح للعبادة، فقالوا: {بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} (٤) يعني سرنا على طريقتهم وسبيلهم من غير نظر فيما قلت لنا.

وهذا معنى قوله في الآية الأخرى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (٥) هذه طريقتهم الملعونة الخبيثة التي سلكوها واحتجوا بها، وساروا عليها، نسأل الله السلامة، ثم قال لهم الخليل عليه السلام: {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ} (٦) {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ} (٧) {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} (٨) مراده بذلك معبوداتهم من الأصنام.

ولهذا قال: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ} (٩) فقوله: إلا رب العالمين، يدلنا على أنه كان عليه الصلاة والسلام، يعلم أنهم يعبدون الله ويعبدون معه غيره، ولهذا استثنى ربه، فقال: إلا رب العالمين، كما


(١) سورة الشعراء الآية ٧٢
(٢) سورة الشعراء الآية ٧٣
(٣) سورة الشعراء الآية ٧٤
(٤) سورة الشعراء الآية ٧٤
(٥) سورة الزخرف الآية ٢٣
(٦) سورة الشعراء الآية ٧٥
(٧) سورة الشعراء الآية ٧٦
(٨) سورة الشعراء الآية ٧٧
(٩) سورة الشعراء الآية ٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>