للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما التوسل بأسماء الله وصفاته وتوحيده والإيمان به فهو توسل مشروع ومن أسباب الإجابة، لقول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (١) الآية، ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «سمع من يدعو ويقول: اللهم إني أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، فقال لقد سأل الله باسمه الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب (٢) » .

وهكذا التوسل بالأعمال الصالحة من بر الوالدين وأداء الأمانة والعفة عما حرم الله ونحو ذلك، كما ورد ذلك في حديث أصحاب الغار المخرج في الصحيحين، وهم ثلاثة، آواهم المبيت والمطر إلى غار فلما دخلوا فيه انحدرت عليهم صخرة من أعلى جبل فسدت الغار عليهم فلم يستطيعوا الخروج، فقالوا فيما بينهم: إنه لن ينجيكم من هذه الصخرة إلا أن تسألوا الله بصالح أعمالكم، فتوجهوا إلى الله سبحانه فسألوه ببعض أعمالهم الطيبة، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا، وإني ذات ليلة نأى بي طلب الشجر فلما رحت عليهما بغبوقهما وجدتهما نائمين فلم أوقظهما، وكرهت أن أسقي قبلهما أهلا ومالا، فلم أزل على ذلك حتى طلع الفجر فاستيقظا وشربا غبوقهما، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت هذا ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة شيئا لا يستطيعون الخروج منه.

أما الثاني فتوسل بعفته عن الزنا حيث كانت له ابنة عم يحبها كثيرا، وأرادها في نفسها فأبت عليه، ثم ألمت بها حاجة شديدة فجاءت إليه تطلب منه المساعدة فأبى عليها إلا أن تمكنه من نفسها، فوافقت على هذا من أجل حاجتها فأعطاها مائة دينار وعشرين دينار، فلما جلس بين رجليها قالت له: يا عبد الله، اتق الله


(١) سورة الأعراف الآية ١٨٠
(٢) سنن الترمذي الدعوات (٣٤٧٥) ، سنن ابن ماجه الدعاء (٣٨٥٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>