للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه هو الأساس، فهو أساس الإيمان والدين وأساس الشكر لله المنعم، وبه بدأ الرسل كلهم كما قال الله سبحانه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (١) الآية.

فمن فاته توحيد الله والإخلاص له عز وجل فإن جميع أعمالهم كلها باطلة لا تنفعه بشيء، كما قال تعالى {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (٢) وقال تعالى {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٣)

والشكر لله سبحانه على نعمة التوحيد وغيرها من النعم من أعظم الواجبات وأفضل القربات، وهو يكون بقلبك محبة لله وتعظيما له ومحبة فيه وموالاة فيه. شوقا إلى لقائه وجناته، فهو سبحانه العالي فوق خلقه والمستوي على عرشه استواء يليق بجلاله وعظمته، وليس المعنى استولى كما تقول المبتدعة من الجهمية وغيرهم، بل هو بمعنى: ارتفع فوق عرشه كما قال السلف رحمهم الله بأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه سبحانه وتعالى يعلم كل شيء وليس يخفى عليه شيء سبحانه وتعالى.

ومما اشتهر في ذلك قول مالك رحمه الله لما سئل عن قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (٤) كيف استوى؟ " فأجاب رحمه الله بقوله: " الاستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة " وبقوله قال أهل السنة والجماعة رحمهم الله.

والمراد بقوله: " والسؤال عنه بدعة " - يعني الكيف؛ لأنه لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، أما الاستواء فمعلوم، وهو العلو والارتفاع، وروي هذا


(١) سورة النحل الآية ٣٦
(٢) سورة الأنعام الآية ٨٨
(٣) سورة الزمر الآية ٦٥
(٤) سورة طه الآية ٥

<<  <  ج: ص:  >  >>