وعملوا بها وقاتلوا جميع الكفار حتى يدخلوا في دين الله أو يؤدوا الجزية إما مطلقا كما هو قول مالك - رحمه الله - وجماعة، وإما من اليهود والنصارى والمجوس على القول الآخر، وإذا ضعف المسلمون ولم يقووا على قتال الجميع فلا بأس أن يقاتلوا بحسب قدرتهم ويكفوا عمن كف عنهم إذا لم يستطيعوا ذلك فيكون الأمر إلى ولي الأمر إن شاء قاتل وإن شاء كف، وإن شاء قاتل قوما دون قوم على حسب القوة والقدرة والمصلحة للمسلمين لا على حسب هواه وشهوته ولكن ينظر للمسلمين وينظر لحالهم وقوتهم، فإن ضعف المسلمون استعمل الآيات المكية، لما في الآيات المكية من الدعوة والبيان والإرشاد والكف عن القتال عند الضعف، وإذا قوي المسلمون قاتلوا حسب القدرة فيقاتلون من بدأهم بالقتال وقصدهم في بلادهم ويكفون عمن كف عنهم فينظرون في المصلحة التي تقتضيها قواعد الإسلام وتقتضيها الرحمة للمسلمين والنظر في العواقب كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - في مكة وفي المدينة أول ما هاجر، وإذا صار عندهم من القوة والسلطان والقدرة والسلاح ما يستطيعون به قتال جميع الكفار أعلنوها حربا شعواء للجميع، وأعلنوا الجهاد للجميع كما أعلن الصحابة ذلك في زمن الصديق وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - وكما أعلن ذلك الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته بعد نزول آية السيف، وتوجه إلى تبوك لقتال الروم وأرسل قبل ذلك جيش مؤتة لقتال الروم عام ٨ من الهجرة وجهز جيش أسامة في آخر حياته - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا القول ذكره أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - واختاره وقال: إنه ليس هناك نسخ ولكنه اختلاف في الأحوال لأن أمر المسلمين في أول الأمر ليس بالقوي وليس عندهم قدرة كاملة فأذن لهم بالقتال فقط، ولما كان عندهم من القدرة بعد الهجرة ما يستطيعون به الدفاع أمروا بقتال من قاتلهم وبالكف عمن كف عنهم، فلما قوي الإسلام وقوي