للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتذكرون ويتعظون، فيتوبوا إليه سبحانه، ويرجعوا إلى طاعته، ويحذروا ما نهاهم عنه، ولهذا قال عز وجل في الآية السابقة: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (١) والمعنى أنه سبحانه قد يذيق العباد عقوبة بعض ما عملوا من السيئات لعلهم يرجعون إلى طاعته، والإنابة إليه، والتوبة النصوح من سالف ذنوبهم، ولو يؤاخذهم بجميع ذنوبهم لهلكوا جميعا، كما قال سبحانه: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} (٢) الآية، وقال في الآية الأخرى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} (٣) والمعنى أنه عاقب آل فرعون بالسنين، وهي الجدوب المتتابعة، مع نقص الثمرات لعلهم يتذكرون أعمالهم السيئة، فيتوبوا إلى الله منها، ويرجعوا إلى طاعته، ويستقيموا على أمره، فيرد لهم ما كان شاردا، ويصلح لهم ما كان فاسدا، ويعمر قلوبهم بالتقوى، وينزل لهم الغيث من السماء، ويخرج لهم البركات من الأرض، كما قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} (٤) الآية، وقال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ} (٥) الآية. وقال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} (٦) {يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (٧) الآية، وقال


(١) سورة الروم الآية ٤١
(٢) سورة فاطر الآية ٤٥
(٣) سورة الأعراف الآية ١٣٠
(٤) سورة الأعراف الآية ٩٦
(٥) سورة المائدة الآية ٦٦
(٦) سورة الأحزاب الآية ٧٠
(٧) سورة الأحزاب الآية ٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>