خالفهما فيه، وحكم على عليّ في خصومة عرضت له عنده على
خلاف رأي عليّ، ولم ينكر عليه.
٥ - أن رجلاً سأل ابن عمر عن فريضة، فقال: سل سعيد بن
جبير، فإنه يعلم منها ما أعلم، ولكنه أحسب مني.
وغير ذلك من الأمور التي دلَّت على أن الصحابة قد أجازوا
وسوغوا للتابعين الاجتهاد معهم، وأخذ رأيهم، وكيف لا يعتبر
قولهم، وقد أقر الصحابة لهم بالفضل والعلم والفهم للشريعة،
ولم ينكروا عليهم؟! ولو وجد إنكار لبلغنا، ولكن لم يصح شيء
من ذلك.
المذهب الثاني: أنه لا يُعتد بقول التابعي المجتهد مع الصحابة.
أي:. أن الصحابي إذا بلغ درجة الاجتهاد وأدرك عصر الصحابة،
فحدثت حادثة في ذلك العصر، فإنه لا يُعتدُّ بقوله: فإذا أجمع
الصحابة على رأي في تلك الحادثة وخالفهم ذلك التابعي، فإنه
ينعقد الإجماع بدون النظر في مخالفة التابعي.
وهو مذهب بعض المالكية كابن خويز منداد، وبعض الشافعية
كابن برهان، وبعض الحنابلة كأبي يعلى.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: أن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - قد تميزوا عن
غيرهم بالصحبة، وهذا الوصف يقتضي أن الموصوف به قد شاهد
التنزيل، وعلم التأويل، وعلم الشرع من فيِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - مباشرة، وعرف مقاصد الشريعة، فإذا كان الصحابة يتميزون بذلك في حين أن هذه المميزات معدومة في التابعين، فإنه يتبين لك ان الحق معهم،