المجتهدين من " المؤمنين " ومن " الأمة " الموجودين حين حدوث الحادثة في عصر واحد، وهذا الاسم - وهم المؤمنون والأمة - لا يصدق مع خروج التابعي المجتهد عن الصحابة، لأن التابعي المجتهد من الأمة ومن المؤمنين، فلو نظر الصحابة دون التابعي المجتهد في تلك المسألة وأجمعوا على حكمها، فإنه لا يقال:" أجمع جميع مجتهدي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - "، فالحجة إجماع الكل، وما دام الأمر كذلك فإنه يعتد بقول التابعي مع الصحابة.
الدليل الثاني: الوقوع، حيث إن بعض التابعين قد اجتهدوا وأفتوا في مسائل مع وجود بعض الصحابة، ولم ينكر الصحابة عليهم ذلك، ولو كان قول التابعي المجتهد مع وجود الصحابي باطلاً لما ساغ للصحابة تجويزه والأخذ به، والرجوع إليه، وإليك أمثلة على ذلك:
١ - أن كبار أصحاب ابن مسعود - رضي الله عنه - كعلقمة النخعي، والأسود النخعي، وغيرهما كانوا يفتون الناس مع وجود ابن مسعود وغيره من الصحابة بدون نكير.
٢ - أن سعيد بن المسيب كان يفتي بالمدينة المنورة، وفيها خلق كثير من الصحابة، وكذلك فقهاء التابعين المعاصرين لبعض الصحابة يفعلون ذلك كسعيد بن جبير، والشعبي، والحسن البصري.
٣ - أن أنساً سُئل عن مسألة فقال: " سلوا مولانا الحسن - يعني الحسن البصري - فإنه سمع وسمعنا فحفظ ونسينا.
٤ - أن عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب قد وليا شريحا بن الحارث التابعي القضاء وأمراه بالاجتهاد إن لم يجد حكم الحادثة في النص ولم يعترضا - أي: عمر وعليّ - على ما قضي به شريح فيما