ولا يكون مع مخالفهم، وأن مرتبة الصحابة بالنسبة للتابعين كمرتبة
العلماء مع العوام، فكما أن العامي لا يعتد بقوله في إجماع
العلماء، نظراً لعدم العلم، فكذلك التابعي لا يعتد بخلافه في
إجماع الصحابة، نظراً لتلك المميزات التي تميز بها الصحابة.
جوابه:
إننا نسلم بأن الصحابة يفضلون على التابعين بفضيلة الصحبة،
ولكن فضيلة الصحبة لا تجعل الإجماع مختص بهم، وأنه لا يُعتد
بقول غيرهم ممن عاصرهم من مجتهدي التابعين؛ وذلك لأن شرط
الإجماع الأساسي هو: كون المجمعون قد بلغوا درجة الاجتهاد
مطلقا، فكون الصحابة أعلم بالتأويل وأعرف بالمقاصد لا ينفي وجود
من يعلم ذلك من مجتهدي التابعين، إذن مجتهدو العصر الواحد قد
تساووا في الاجتهاد، فيقبل قول كل واحد من المجتهدين سواء كان
صحابيا أو غير صحابي.
أما قولكم: إن الصحابة مع التابعين كالعلماء مع العامة، فهذا لا
نسلمه لكم مطلقاً؛ لأن هذا القول مخالف للحقيقة، فقياس التابعين
على العوام قياس فاسد؛ لأن مجتهدي التابعين قد وصلوا إلى درجة
من العلم والفقه والفهم قد تساوي ما علمه الصحابي إن لم تزد عليه.
الدليل الثاني: الوقوع؛ حيث وقع إنكار بعض الصحابة على
بعض التابعين ولو كان التابعي المجتهد يُعتد بخلافه مع الصحابة لما
وقع هذا الإنكار، والإنكار ورد في قصة عائشة - رضي اللَّه عنها -
مع أبي سلمة؛ حيث روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف
أنه قال: كنا نتذاكر أنا، وابن عباس، وأبو هريرة في عدة المتوفى
عنها زوجها، فقال ابن عباس: تعتد بأقصى الأجلين، فقلت: بل