قولهم فيه - فقد قالوا: إن فقدان أهلية الاجتهاد لا تخل بأهلية
الإجماع.
٢ - مسألة: " قول الواحد إذا لم يكن في العصر سواه هل يكون إجماعاً "؟ فمن قال: إن العوام يعتبر قولهم في الإجماع
- وهم أصحاب المذهب الثاني - قال: إذا لم يوجد في العصر إلا
مجتهد واحد فهم داخلون معه، فيكون إجماعا، وإلا: فلا؛ لأن
الإجماع لا يصدق إلا من اثنين فصاعداً، وقد سبق أن بيَّنا هذه
المسألة، وذكرت أن الحق هو: أن قول الواحد لا يكون إجماعاً إذا
لم يوجد غيره في العصر، ولكنه يكون حُجَّة يجب على العوام
اتباعه؛ لئلا يخلو العصر من حكم في الحادثة النازلة.
***
المسألة السابعة: العالم بالفقه دون أصوله، والعالم بأصول
الفقه دون فروعه هل يعتبر قولهما في الإجماع؟
لقد اختلف في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: أنه يعتبر قول العالم بأصول الفقه، دون الفقيه،
ولا يمكن أن ينعقد الإجماع بدون العالم بأصول الفقه.
وهو ما ذهب إليه القاضي أبو بكر الباقلاني، والغزالي، وإمام
الحرمين، وابن السبكي، والمحلي.
وهو الحق عندي؛ لأن العالم بأصول الفقه قد توفر فيه آلة
الاستنباط لمعرفة الحكم الشرعي لأي حادثة جديدة، وهو أقرب من
غيره إلى الاجتهاد فيها؛ وذلك نظراً لعلمه بمدارك الأحكام على
اختلاف أقسامها، وكيفية دلالتها، وكيفية تلقي الأحكام من منطوقها