الجواب الثاني: أن هذا المذهب - وهو أن قول العوام معتبر في
الإجماع - يؤدي إلى تعطيل دليل يعتبر من أقوى الأدلة الشرعية
وهو: الإجماع، وذلك من وجهين:
أولهما: أنه لا يركن أن يتصور عاقل أن جميع الأُمَّة العلماء
والعوام يتفقون كلهم على قول واحد في حادثة واحدة.
ثانيهما: أنا لو فرضنا - مع الفرض الممتنع - تصور اجتماع
جميع الأُمَّة على قول واحد في حادثة واحدة، فمن الذي يقوم بنقل
هذا القول وجمعه من كل فرد من أفراد الأمَّة مع كثرة هؤلاء وتفرقهم
في مدن، وقرى، وبوادي، وهجر، ووديان العالم الإسلامي؛
هذا مستحيل.
بيان نوع هذا الخلاف:
إن الخلاف في هذه المسألة لفظي من وجه، ومعنوي من وجه آخر.
أما وجه كون الخلاف لفظياً فهو أنه لم يؤثر في الفروع الفقهية،
فمن قال: أجمعت الأُمَّة على كذا يريد: أجمع علماء الأُمَّة
ومجتهدوهم، ومن قال: أجمع العلماء على ذلك فقد صرح به.
أما وجه كون الخلاف معنوياً فهو: أن هذا الخلاف قد أثر في
مسألتين من مسائل أصول الفقه هما:
١ - مسألة: " هل فقدان أهلية الاجتهاد تخل بأهلية الإجماع؛ "
فأصحاب المذهب الأول - وهم القائلون - إن العوام لا يعتبر قولهم
في الإجماع - قالوا: إن فقدان أهلية الاجتهاد تخل بالإجماع.
أما أصحاب المذهب الثاني - وهم القائلون: إن العوام يعتبر