للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلى المذهب الأول: يكون الأمر متردداً بين إرادة الوجوب

والندب، فيكون الأمر مجملاً بينهما ولا بد من دليل يرجح المقصود.

أما على المذهب الثاني: فإن الأمر يكون للوجوب، وهو ظاهر

فيه حتى يقوم دليل على خلافه.

***

المسألة السادسة: هل يعتبر المندوب من أحكام التكليف؟

اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن المندوب من الأحكام التكليفية.

وهو مذهب الأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني، والقاضي أبي بكر

الباقلاني، وابن عقيل، وابن قاضي الجبل، وابن قدامة، والطوفي.

وهو الصحيح عندي؛ لما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: أن التكليف طلب ما فيه كلفة ومشقة، وفعل

المندوب رغبة في الثواب واحتياطا للدين فيه مشقة، وتركه فيه مشقة

على المكلف القوي الإيمان؛ نظراً لفوات الثواب الجزيل بفعله،

وربما كان ذلك أشق عليه من الفعل.

الدليل الثاني: أن تخصيص الفعل بوعد الثواب يحث العاقل على

الفعل، وهذا من الكلفة.

فإن قال معترض: إن المندوب غير ملجا لذلك الفعل بالإكراه

الشرعي، والمشقة إنما تنشا عن الإلجاء، والمختار لا مشقة فيه.

فإنا نقول له: إن هذا الاعتراض يناسب المعنى اللغوي للتكليف