للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما يقال في الواجب، ولما لم يجز أن يوصف تارك المندوب

بالعصيان دلَّ على أن المندوب غير مأمور به حقيقة.

جوابه:

يقال في الجواب عنه: إن تارك المندوب لم يسم عاصياً بسبب أن

العصيان اسم ذم مختص بمخالفة أمر الإيجاب، فلو سمي تارك

المندوب عاصياً لالتبس مع الواجب، لذلك أسقط اللَّه تعالى الذم

عن تارك المندوب.

بيان نوع هذا الخلاف:

لقد اختلف في هذا الخلاف على قولين:

القول الأول: إن الخلاف لفظي لا ثمرة له.

وهذا هو الصحيح عندي؛ لأن المندوب مطلوب فعله باتفاق

أصحاب المذهبين، فلم يبق إلا في إطلاق اسم الأمر على المندوب

حقيقة، أو مجازاً.

القول الثاني: إن الخلاف معنوي، قد ترتب عليه بعض الآثار

والفوائد، منها:

١ - أنه إذا ورد لفظ الأمر، ودل دليل على أنه لم يرد به

الوجوب، فإنه يحمل على الندب، دون الحاجة إلى دليل، وذلك

بناء على المذهب الأول؛ حيث إن اللفظ عندهم له حقيقتان.

أما على المذهب الثاني: فإنه لا يحمل الأمر على الندب إلا بدليل

وذلك لأن حمل اللفظ على المجاز لا يجوز إلا بدلالة؛ لجواز كون

الأمر للإباحة.

٢ - أنه إذا قال الراوي: " أمرنا "، أو "أمرنا رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بكذا "