وهو مذهب أكثر نحاة البصرة، وأكثر الحنابلة، وبعض الحنفية
كأبي يوسف، وبعض المالكية كابن الماجشون، والباقلاني.
وهو الحق؛ لدليلين:
الدليل الأول: أن الاستثناء وأحكامه قد أخذناه عن طريق أهل
اللغة، وأهل اللغة أنفسهم ذكروا أن المتكلم لو استثنى الأكثر لكان
كلامه عياً ولكنة.
قال ابن جني: " ولو قال قائل: هذه مائة إلا تسعين - ما كان
متكلما بالعربية، وكان كلامه عيا ولكنة.
وقال القتبي - وهو ابن قتيبة -: يجوز أن يقول: " صمت
الشهر إلا يوماً "، ولا يجوز أن يقول: " صمت الشهر كله إلا
تسعة وعشرين يوما ".
وقال مثل ذلك ابن درستويه: عبد اللَّه بن جعفر النحوي.
وقال أبو إسحاق الزجاج: لم يأت الاستثناء في كلام العرب إلا
في القليل من الكثير، فإذا كان هؤلاء الأئمة قد أنكروا استثناء
الأكثر، فإنه يثبت أن استثناء الأكثر ليس من اللغة، فلا يجوز.
ولو جاز استثناء الأكثر لجاز في كل ما قبحه أهل اللغة وكرهه
لسان العرب.
الدليل الثاني: أن الاستثناء قد جرى في كلام العرب على خلاف
الأصل؛ لأنه إنكار بعد إقرار، والأصل: عدم الإنكار، لكن لما
كان الإنسان قد يغفل عن بعض ما أقر به أجيز استثناء القليل لدفع
الضرر، وأما الأكثر فلا يُعقل أن يغفل عنه الإنسان، فلم يجز فيه
الاستثناء جريا على الأصل في الكلام.