للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله - صلى الله عليه وسلم -: (المتشبِّع بما لم يعط كلابس ثوبي زور) (١) حديث صحيح يروى من حديث عائشة (٢)، وأسماء (٣) ابنتي الصديق، وغيرهما (٤) رضي الله عنهم. ومن أحسن ما قيل في تفسير قوله (كلابس ثوبي زور) وجهان - أنا أحررهما - أحدهما (٥): أن معناه: المتشبع بما لم يعط كالكاذب المتعاطي قول الزور، والعرب تكني بالثوب عن الصفة والحال، فيقولون: لبس فلان ثوب كذا وكذا، أي اتصف بكذا وكذا، وتثنية الثوب من أجل أن الحلة ثوبان، وهي أقل ما (٦) يتجمل به العربي. الثاني: أن أحدهم كان إذا نهض ليشهد بشهادة زور لبس ثوبي جماله؛ ليلحظ ويراعى، فتقبل شهادته، فأضيف الزور إلى الثوبين لذلك، وكنى بلبسهما عن شهادة الزور (٧)، والله أعلم.


(١) الوسيط ٢/ ٦٤٦. وقبله: وإن كان شعر بهيمة - أي الموصول به - فإن لم تكن ذات زوج فهي متعرضة للتهمة فيحرم عليها، وإن كانت ذات زوج حَرُم للخداع، ولقوله - عليه السلام -: المتشبع ... الحديث.
(٢) رواه عنها مسلم في صحيحه - مع النووى - كتاب اللباس والزينة، باب النهي عن التزوير في اللباس وغيره ١٤/ ١١٠.
(٣) رواه عنها الشيخان، انظر: صحيح البخاري - مع الفتح - كتاب النكاح، باب المتشبع بما لم ينل، وما ينهى من افتخار الضرة ٩/ ٢٢٨ رقم (٥٢١٩)، وصحيح مسلم الموضع السابق.
(٤) قال السخاوي في المقاصد الحسنة ص: ٤٠٧ - بعد أن ساق حديث أسماء باللفظ المذكور -: "ورواه العسكري من حديث أيوب بن سويد عن الأوزاعي عن محمَّد بن المنكدر عن جابر مرفوعاً بلفظ: من تحلى بباطل كان كلابس ثوبي زور. ومن حديث ابن جريج عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة مرفوعاً باللفظ الثاني، وفي الباب أيضاً عن سفيان الثقفي، وعائشة". أهـ
(٥) سقط من (ب).
(٦) في (د): مما، والمثبت من (أ) و (ب).
(٧) انظر: معالم السنن ٥/ ٢٧٠، شرح النووي على مسلم ١٤/ ١١٠ - ١١١، فتح الباري ٩/ ٢٢٨ - ٢٢٩.