من أن الفلك ضروري الوجود واجب الوجود لا يقبل العدم، فإنه محتاج إلى غيره، وهم يسلمون أنه محتاج إلى الأول، لأنه لا قوام له إلا بحركته، ولا قوام لحركته إلا بالأول، فكان لا وجود له إلا بالأول، فامتنع أن يكون وجوده بنفسه، بل كان معلولاً بغيره، وما كان معلولاً بغيره لم بكن موجوداً بنفسه، بل كان ذلك الأول علة في وجوده، وما كان له علة في وجوده ثابتة عنه، علم بصريح العقل أنه ليس موجوداً بنفسه، فلا يكون واجباً بنفسه، وما لم يكن واجباً بنفسه كان ممكناً، وكان محدثاً، كما قد بسط في مواضع.
إذا المقصود هنا ذكر كلام ابن رشد، وابن رشد يقول: إن لفظ الممكن في اصطلاح الفلاسفة ليس هو لفظ الممكن في اصطلاح ابن سينا وأتباعه، وما كان أزلياً واجباً بغيره دائماً - بحيث لا يقبل العدم - لا يسمى ممكناً، بل الممكن ما كان معدوماً يقبل الوجود، وأما ما لم يزل واجباً يغره فليس هو بممكن.
وقد ذكر هذا في غير موضع من كتابه، وذكر أن ما ذكره ابن سينا خروج عن طريقة الفلاسفة القدماء، وأن طريقه التي أثبت به