الحقيقي وهو المحدث، فقد تبين فساد كلامهم على هذا التقدير.
وإن عني بالممكن ما له علة من الأشياء الضرورية - كما يقوله ابن سينا وأتباعه: إن الأفلاك ضرورية واجبة الوجود، يمتنع عدمها أزلاً وأبداً، ويقول مع ذلك: إنها ممكنة، يمعنى أنها معلولة - قال ابن رشد: فلا يمكن إثبات واجب الوجود على هذا التقدير، كما لا يمكنهم إثباته بطريقتهم على التقدير الأول.
وذلك أن مقدمة الدليل لا بد أن تكون معلولة قبل النتيجة، فيستدل على ما لا يعلم بما يعلم، ويستدل بالبين على الخفي.
وحينئذ فما ذكروه فاسد من وجهين: أحدهما: أنه لم يتبين بعد أنه يستحيل وجود التسلسل في هذه الممكنات بالوجه الذي تبين في الممكنات الحقيقية.
وهي المحدثات.
ودليلهم في إثبات واجب الوجود موقوف على إبطال التسلسل، وإبطال التسلسل إنما يمكن في المحدثات، لا في الأمور الضرورية التي لا تقبل العدم، إذا قدر تسلسلها.
الوجه الثاني: قال: (ولا تبين بعد أن ها هنا ضرورياً يحتاج إلى علة، فيجب عن وضع هذا، إي عن تقدير هذا، أن ينتهي الأمر إلى ضروري بغير علة، إلى أن تبين أن الأمر في الجملة الضرورية، التي من علة ومعلول، كالأمر في الجملة الممكنة) .
ومعنى كلامه: أن مقدمة الدليل يجب أن تكون معلومة قبل النتيجة، فإذا كانوا يثبتون واجب الوجود بما جعلوه ممكناً، وإن كان