للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تبين ما ذكره ابن رشد حيث قال: (وإن فهمنا من الممكن ما له علة وهو ضروري، لم يلزم عن ذلك إلا أن ما له علة، وأمكن أن نضع أن تلك لها علة، وأن نمر ذلك إلى غير نهاية، فلا ينتهي الأمر إلى موجود لا علة له، وهو الذي يعنونه بواجب الوجود، إلا أن يفهم من الممكن، الذي وضعه بإزاء ما لا علة له، الممكن الحقيقي، فإن هذه الممكنات هي التي يستحيل وجود العلل فيها إلى غير نهاية) .

قال ابن رشد: إنه إذا أريد بالممكن ما يعقل العقلاء أنه ممكن، وهو المحدث بعد أن لم يكن، الذي يكون أن يكون موجوداً تارة ومعدوماً تارة أخرى، فإن هذا هو الممكن الحقيقي، فإذا أريد بالممكن هذا، وقيل: الوجود ينقسم إلى ممكن وغير ممكن، والممكن ما له علة، وهو الممكن الحقيقي وهو الحادث، كان حقيقة الكلام: أنه ينقسم إلى قديم وحادث، كما قاله المتكلمون.

وحينئذ فهذه الممكنات - التي هي المحدثات - هي التي يستحيل فيها وجود علل لا تتناهى، فإن المحدث يعلم بالضرورة أنه لا بد له من محدث، فإذا قدرنا وجود ما لاينتاهى من المحدثات، كان كل منها لا بد له من محدث، وكان مجموع المحدثات أعظم افتقاراً إلى محدث، فإنه كلما كثرت المحدثات كان افتقارها إلى محدث لها أعظم من افتقر واحد

<<  <  ج: ص:  >  >>