الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، ولهذا تجد هؤلاء معرضين عن القرآن والحديث، فمنهم طوائف لا يقرون القرآن، مثل كثير من الرافضة والجهمية، لا تحفظ أئمتهم القرآن، وسواء حفظوه أم لم يحفظوه لا يطلبون الهدى منه، بل إما أن يعرضوا عن فهمه وتدبره، كالأميين الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وإما أن يحرفوه بالتأويلات الفاسدة.
وأما الحديث: فمنهم من لا يعرفه ولم يسمعه، وكثير منهم لا يصدق به، ثم إذا صدقوا به كان تحريفهم له وإعراضهم عنه، أعظم من تحريف القرآن والإعراض عنه، حتى أن منهم طوائف يقرون بما أخبر به القرآن من الصفات، وأما الحديث إذا صدقوا به فهم لا يقرون بما أخبر به.
وإذا تبين أن من أعرض عن الكتاب وعارضه بالمعقولات، لا بد له من كتمان أو كذب أو تحريف أو أمية، مع عدم علم، وهذه الأمور كلها مذمومة - دل ذلك على أن هؤلاء مذمومون في كتاب الله، كما ذم الله أشباههم من أهل الكتاب، وأن هؤلاء وأمثالهم دخلوا في قوله صلى الله عليه وسلم الذي ثبت عنه في الصحيح، الذي قال فيه:«لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.