للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إنه عتقله في السجن وقيّده بقيد ثقيل، وأخذ منه سبعة آلاف دينار مصادرة؛ استدان بعضها، والباقي أستاصله من مغل أملاكه البساتين و ...... المعروفة، التي كانت بمدينة إربل، وإلاّ فما أحرز درهمًا ولا دينارًا، ولم يلتمس من أحد رشوة، شرف نفس ونزاهة.

ولما قبض الملك المعظم وزيره أبا إسحاق إبراهيم بن علي بن الوالي الموصلي، ورأى نصيحة الصاحب بن أبي البركات_ أيده الله تعالى_ له وكفايته بالأمور السلطانية، ونهوضه بأدوات المملكة، فوّض إليه أمر وزارته، واستقل في منصب الوزارة، وهو كاره لذلك غير مجيب إلى ما دعي إليه، وذلك في المحرم سنة تسع وعشرين وستمائة، فاستبشر الناس يمن طلعته، وقضيت حوائجهم وأشغالهم، وحسنت أحوالهم في الديوان.

ولما توفي الملك المعظم_ رضي الله عنه_ وجاءت الدولة المستنصرية، ثبتها الله وأيدها، وتولى الأمير باتكين بن عبد الله، ندبه لوزارته على ما ذكرناه، ولم يزل ناصحًا للمسلمين، مشفقًا على الفقراء والمساكين، ناظرًا في أمور الرعية والأجناد، عادلًا في سيرته ؤتوفي_ رحمه الله_.

وسأجلو عليك طرفًا من عرائس أبكاره، لتجني غرائس أفكاره، من منظومة البديع، ما يزري حسنًا على زهر الربيع، ويزري بجواهر العقود ولآلئها، ويفوق النجوم في إشراقها وتلألؤها، حاكه طبعه الشريف، وصقله ذهنه اللطيف، فجاء مدّبجًا، محبّرًا، مفوّقًا، منوّرًا.

فمن ذلك ما أنشدني لنفسه_ رحمة الله تعالى_ يمدح الملك المعظم مظفر الدين_ رضي الله عنه_ لما وصت إريل، وذلك سنة ست وثمانين وخمسمائة: ] من الطويل [

رأى دار ليلى بين أكثبة الحمى ... فعاجله داعي الهوى أن يسلّما

وظنّ به الواشون صبرًا عن الهوى ... وكان الذي ظنّوه غيبا مرجّما

تباريح شوق لا تزال تعوده ... فتذكره ذاك الهوى المتقدّما

<<  <  ج: ص:  >  >>