وحكى عنه بعض الفضلاء، قال: - لمَّا كنا ببغداد، قصدت ابن مبادر في يوم عيد الأضحى، فحضر خوانه خمسة وعشرون شاعرًا، أنشدوه المدح بعد أن رفع الطعام، فأجازهم كلّهم؛ ففيهم من أجازه بالجبّة والعمامة، ومن أجازه بالذهب، قال: وبلغني /٢٢ ب/ أنّه نزلت به سرية من العرب ليلة، فعلق على خيولهم ألفًا وأربعمائة عليقة، وأضافهم تلك الليلة. وكان مع ذلك فيه ميز وفضل وأدب وذكاء، ويقول الشعر الحسن، فرضي الله عنه ورضي عني كل من كان فيه مروءة وسخاء.
أنشدني عبد العليم بن عبد الله بن عبد الرحمن الأنباري، قال: أنشدني أبو الحسن لنفسه ما كتبه من السندية إلى والدي، وهو مقيم بالبصرة: ] من الطويل [
خلعت على أرض البصيرة رونقًا ... وجمَّلتها لمَّا اتَّخذت بها مغنى
وأصبحت الدَّار الَّتي قد هجرتها ... كعينٍ بلا نومٍ ولفظٍ بلا معنى
وغادرت في سنديَّة البيت وحشةً ... فلو أنَّها تنبي لقالت كما قلنا
وقال فيه أيضًا: [من الكامل]
يا خير من ركب المنابر واعظًا ... وأجلَّها عند الصَّلاة إذا دعا
شرفت بك الأعواد ثمَّ تباشرت ... لمَّا علت قدماك منها موضعا
حسدوك أقوامٌ ملأت قلوبهم ... غيظًا كما حسدوا البطين الأنزعا
ما كان مثل أبي ترابٍ فيهم ... بالرُّغم أناف الأعادي جدَّعا