صاحب الزُّهد والتِّلاوة والورد الَّذي للورى عليه ورود
/٢٠ ب/ ندبتك الآيات يا هبة الله وتبكيك المرسلات وهود
ندبتك الدِّيار والمسجد المعمور يبكيك والكتاب المجيد
فعليك السَّلام منَّا إلى يوم التَّنادي إنَّ المزاز بعيد
وأنشدني، قال: قال أبو الحسن قبل موته بأيام، هذه الأبيات وكتبها على حائط تربته: ] من مجزوء الرمل [
قل لمن يغترُّ بالدُّنيا وقد طال عناه
هذه تربة من شيَّد هذا وبناه
طالما أتعبه الحرص وقد هدَّ قواه
طلب الرَّاحة في الدُّنيا فما نال مناه
وأنشدني، قال: نقلت من خطه -وأجاز لي الرواية عنه- طلب بعض أمراء الشام قميصًا يتبرّك به من ثيابه، فأنفذ له قميصًا ومعه هذه الأبيات: ] من السريع [
/٢١ أ/ قميص عبدٍ مذنبٍ غافل ... زمانه في صفقةٍ خاسره
فابك على من ضلَّ في غفلةٍ ... قد خسر الدُّنيا مع الآخره
وأنشدني، قال: نقلت من خطة لنفسه هذه الأبيات قالها وأشتد به ألم ظهره، وعجز عن القيام بغير عصا، واظنني سمعتها منه -والله أعلم-: ] من الخفيف [
لو تراني كسعفةٍ يوم ريحٍ ... عاصفٍ إذ مشيت بالعكَّاز
خائفًا زاحفًا أسير على الأرض هوينى في رعدةٍ واهتزاز
شبه قوس النَّداف يزعجها الضَّرب فيهوي بها كريش الباز
] ٤٦٣ [
عليُّ بن عبد الله بن عمر بن تيمٍ، أبو القاسم الموصليُّ.
كان ذا طبع سهل في محاولة ما يرومه من المنظوم والمنثور، صالح البديهة في إنشائها، جيد الفكر. وكان من المتفردين في زمانه بصناعة الكتاب والإنشاد، وبمذهب الكتاب إلَّا أنه كان /٢١ ب/ تحت الحظّ الناقص، خامل الذكر، لم يشهر نفسه بذلك.