(والناسُ يَلحَونَ الأميرَ إذا همُ ... خطِئُوا الصوابَ ولا يلامُ المُرشِدُ)
والمخطئ: اسم فاعل من أخطأ يخطئ وهو مخطئ مثل أكرم يكرم وهو مكرم، والذي ذمه الله - عز وجل - فقال:{لا يَاكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ}. فهو المأخوذ من الخطيئة لا من الخطأ الذي هو السهو، ولذلك أمر الله عباده أن يسألوه ألا يؤاخذهم بالخطأ الذي من جهة الخطيئة، لأنه قد وضع عنهم ما لا يعتمدنه. وكل ما قلناه من الصواب فإن الخطأ في ضده.
وأما الصدق والكذب: فقد ذكرناهما فيما تقدم من كتابنا هذا، وكذلك الحق والباطل، وقد أمر الله - عز وجل - باستعمال الحق والصدق، ووصف نفسه بهما فقال:{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا} وحديثاً {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ}. وقال:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} و {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} ولو لم يكن في شرف الحق والصدق إلا أن جميع الأمم على كثرتها واختلاف طبائعها وهمتها تمدحهما، وسائر الناس إنما يقصدون بقولهم وفعلهم إصابتهما، فلا ترى أحداً إلا وهو [يحرص] أن يصدق في قوله، وأن يصيب الحق اعتقاده وفعله، حتى إن الكاذب إنما يكذب ليصدق على كذبه، فطلب الصدق قصده، ونيله بغيته، والمبطل إنما يقصد الحق فيخطئ في الوصول إليه، وطلب الحق قصده، وإن كان من المموهين على الناس، فإنما يزخرف لهم باطله حتى يقيمه مقام الحق الذي يقبل ويعمل به، وكفى بهذا فضيلة للحق والصدق، ولمن عرف بهما، ونسب إليهما، فإن الصادق المحق عظيم