فقال:"قد وجهتك إلى رجل قريب الغور، فلا تلقه بكل عقلك، وأجد الحز، وأصب المفصل"، ولولا مقاربة عمرو لأبي موسى وتخادعه له لما تم له ما يريد منه، وينبغي أن يجعل وكده وكده مداراتهم على طبقاتهم، وإعطاء كل صنف منهم من القول ما يرضيه، فإن العاقل من دارى أهل زمانه وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس". فإن أمكنك ذلك باستعمال الحق في بعض، والمعارضة في البعض، فقد ظفرت بما إليه أجزت الحكماء، وقصدت العلماء، وإن لم تظفر بذلك لاختلاف جبلات الناس، وأن اجتماعهم على الرضا بالشيء من الأمور العسرة الوجود، فليكن وكدك مداراة خواصهم، وأهل العقل منهم، فإن لكل قوم رؤساء وأفاضل والمرؤوسون أتباع الرؤساء، والمفضولون تبع للفاضلين، فإذا حزت رضا الرؤساء والنظراء، فإنك قد حزت رضا الجميع.
وأما الخطأ: فهو ضد الصواب ومعناه العدول عن المقصد من غير تعمد وإنما الفرق بين الخطأ والجور، وإن كانا جميعاً عدولاً عن الطريق المقصود والسبيل المسلوك، أن الخطأ إنما هو عدول عن الطريق بغير قصد، والخاطئ اسم الفاعل من خطئ يخطأ خطأ مثل عمل يعمل عملاً وهو عامل، وقال للشاعر في خطئي.