للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وهذا) الحديث وإن تكلم فيه يؤيده عموم قول الله تعالى "فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج (١) " فإن الآية عامة فيما قبل يوم النحر وما بعده. فتدل على جواز صيام أيام التشريق للمتمتع. وعلى هذا فقد تعارض عموم الآية المشعر بالإذن بالصيام وعموم الحديث المشعر بالنهي. وفي تخصيص عموم المتواتر بعموم الآحاد نظر لو كان الحديث مرفوعاً فكيف، وفي كونه مرفوعاً نظر (٢) (فالراجح) القول بجواز صيام أيام التشريق للمتمتع دون غيره حملاً للأحاديث المطلقة في النهي عن صيامها على المقيدة بإباحة صومها للمتمتع.

... (فائدة) هل يصح نذر صوم أيام التشريق؟ (روي) محمد بن الحسن عن النعمان أنه يصح نذر صومها، لكن الأفضل أن يفطر فيها ويصوم أياماً أخر ولو صامها يكون مسيئاً، وإن خرج عن عهدة النذر، لأنه أوجب صومها ناقصاً وأداه ناقصاً (وروي) أبو يوسف عن النعمان انه لا يصح نذر صومها ولا يلزمه شي. ولو شرع في صومها ثم أفسده هل يلزمه القضاء؟ (٣) فيه خلاف تقدم بيانه في صوم يومي العيد (وقالت) الشافعية: يجوز صوم هذه الأيام لسبب كنذر أو كفارة أو قضاء. أما ما لا سبب له فلا يجوز فيها اتفاقاً.

(٤) صوم يوم الجمعة: يكره- عند أبي يوسف والشافعي وأحمد- إفراده بالصوم إلا أن يوافق عادة له (الحديث) أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يصم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده" أخرجه البيهقي والستة إلا النسائي. وقال الترمذي: حسن صحيح (٤) {٧٨}


(١) سورة البقرة: آية ١٩٦.
(٢) انظر ص ١٧٤ ج ٤ فتح الباري (الشرح).
(٣) انظر ص ٧٩ ج ٢ بدائع الصنائع.
(٤) انظر ص ١٦٧ ج ٤ فتح الباري وص ١٨ ج ٨ نووي (كراهة إفراد يوم الجمعة بصوم لا يوافق عادته) وص ١٦٨ ج ١٠ - المنهل العذب المورود وص ٥٤ ج ٢ تحفة الأحوذي وص ٢٧٠ ج ١ - ابن ماجه وص ٠٢ ج ٤ بيهقي. و (لا يصم) بالنهي وفي رواية البخاري والترمذي: لا يصوم. بالنفي، والمراد منه النهي.