للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٨) ابن السبيل:

هو -عند الحنفيين- الغريب المنقطع عن ماله فيعطى من الزكاة ما يوصله لمقصده وإن كان غنيًا في وطنه، لأنه محتاج في الحال.

(وعن) أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تحل الصدقة لغني إلا لثلاثة: في سبيل الله وابن السبيل ورجل كان له جار فتصدق عليه فأهدى له" أخرجه أحمد وأبو داود وفيه عطية بن سعد العوفي ضعفه الثوري وابن عدى، وحسن له الترمذي أحاديث. {١٥١}


= أحمد لأن سبيل الله عند الإطلاق إنما يتصرف إلى الجهاد، لان الزكاة انما تصرف الى المحتاج كالفقراء والمساكين وفى الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم أو على من يحتاج إليه المسلمون كالعامل والغازي والمؤلف والغارم لإصلاح ذات البين، والحجد للفقير لا نفع للمسلمين فيه ولا حاجة بهم عليه ولا حاجة به أيضا، لأن الفقير لا فرض عليه فيسقطه، وتكليفه به مشقة قد خفف الله عنه إيجابها، وتوفير ما يعطي له لذوي الحاجة من المستحقين أو دفعه في مصالح المسلمين اولى (وعن) أحمد أن الفقير يعطي قدر ما يحج به الفرض أو يستعين به فيه، وهو قول إسحاق لما تقدم في حديث أم معقل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر زوجها أن يعطيها بكرا- جعله في سبيل الله- لتعتمر عليه .. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحج والعمرة من سبيل الله (أنظر رقم ١٥٠ ص ٢٦٩)، والأول أولى، وأما الحديث فلا يمتنع أن يكون الحج من سبيل الله، والمراد بالآية غيره لما ذكرنا، وإذا قلنا: يدفع في الحج من الزكاة فلا يعطي إلا بشرطين: (أحدهما) ألا يكون له ما يحج به سواها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تحل الصدقة إلا لخمسة ولم يذكر الحاج فيهم (أنظر رقم ١٤٣ ص ٢٦٠) ولأنه يأخذ لحاجته فاعتبرت فيه الحاجة كمن يأخذ لفقره (ثانيهما) أن يأخذ لحجته الفرض لأنه يحتاج إلى إسقاط فرضه وإبراهء ذمته، أما التطوع فله عنه مندوحة. (وظاهر) كلام أحمد جوازه في الفرض والنقل لأن الكل من سبيل الله، ولأن الفقير لا فرض عليه، فالفرض منه كالتطوعن فعلى هذا يجوز أن يدفع ما يحج به حجة كاملة وما يعينه في حجه. ولا يجوز أن يحج من زكاة نفسه كما لا يجوز أن يغزو بها (أنظر ص ٧٠١ ج ٢ شرح المقنع).