فى ذلك فأشبه المزحوم، فإن خاف أنه إن تشاغل بالسجود فاته الركوع مع الإمام فى الثانية، لزمه متابعته، وتصير الثانية أولاه، وهذا قول مالك.
وقال أبو حنيفة: يشتغل بقضاء السجود، لأنه قد ركع مع الإمام فيجب عليه السجود بعده كما زال الزحام والإمام قائم، والشافعى كالمذهبين، ولنا قول النبى صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا (١).
(فإن قيل) فقد قال: فإذا سجد فاسجدوا (قلنا) قد سقط الأمر بالمتابعة فى السجود عن هذا لعذره، وبقى الأمر بالمتابعة فى الركوع متوجهاً فمكانه، ولأنه خائف فوات الركوع فلزمه متابعة إمامه فيه كالمسبوق. فأما إذا كان الإمام قائماً فليس هذا اختلافاً كثيراً، وقد فعل النبى صلى الله عليه وسلم مثله بعسفان. إذا تقرر هذا فإنه إن اشتغل بالسجود معتقداً تحريمه، لم تصح صلاته، لأنه ترك واجباً عمداً، وفعل ما لا يجوز له فعله. وإن اعتقد جواز ذلك فسجد، لم يعتد بسجوده، لأنه سجد فى موضع الركوع جهلا، فأشبه الساهى. ثم إن أدرك الإمام فى الركوع ركع معه صحت له الثانية دون الأولى، وتصير الثانية أولاه، فإن فاته الركوع سجد معه، فإن سجد السجدتين معه، فقال القاضى: يتم بهما الركعة الأولى، وهذا مذهب الشافعى، وقال أبو الخطاب: إذا سجد معتقداً جواز ذلك اعتد له به وتصح له الركعة كما لو سجد وإمامه قائم. ثم إن أدرك الإمام فى ركوع الثانية صحت له الركعتان، وإن أدرك بعد رفع راسه من ركوعه فينبغى أن يركع ويتبعه، لأن هذا سبق يسير، ويحتمل أن تفوته بفوات الركوع، وإن أدركه فى التشهد تابعه وقضى ركعة بعد سلامه كالمسبوق.
(١) هو بعض حديث أخرجه أحمد والشيخان وأبو داود عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا ن ولا تكبروا حتى يكبر، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا ولا تسجدوا حتى يسجد (٤٨). تقدم ص ٦٩ ج ٣ الدين الخالص (متابعة مأموم الإمام).