{سُبْحَانَ رَبِّنَا} سبحوا الله ونزهوه عن الظلم وعن كل قبيح، ثم اعترفوا بظلمهم في منع المعروف وترك الاستثناء {يَتَلاوَمُونَ} يلوم بعضهم بعضا؛ لأن منهم من زين، ومنهم قبل، ومنهم من أمر بالكف وعذر، ومنهم من عصى الأمر، ومنهم من سكت وهو راض. {أَن يُبْدِلَنَا} قرئ بالتخفيف والتشديد {إلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} طالبون منه الخير راجون لعفوه {كَذَلِكَ العَذَابُ} مثل ذلك العذاب الذي بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة عذاب الدنيا {ولَعَذَابُ الآخِرَةِ} أشد وأعظم منه.
قوله:(مثل ذلك العذاب بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة: عذاب الدنيا)، قال الإمام: "المقصود أنه تعالى قال: {أَن كَانَ ذَا مَالٍ وبَنِينَ * إذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}، أي: لأجل أن الله أعطاه المال والبنين كفر بالله. كلا، بل الله إنما أعطاه ذلك للابتلاء، فإذا صرفه إلى الكفر دمر الله تعالى عليه؛ لأن أصحاب الجنة لما أتوا هذا القدر اليسير من المعصية، دمر الله على جنتهم، فيكف حال من عاند الرسول وأصر على الكفر والمعصية؟ أو أن أصحاب الجنة خرجوا لينتفعوا بالجنة، ويمنعوا الفقراء عنها، فقلب الله عليهم القضية، فكذا أهل مكة، لما خرجوا إلى بدر، وأرادوا الكيد بمحمد وأصحابه صلوات الله عليه، وشربوا الخمور، فأخلف الله ظنهم فقتلوا وأسروا. ولما خوف الكفار قال مستأنفًا: