{فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ} كالمصرومة لهلاك ثمرها، وقيل: الصريم: الليل، أي احترقت فاسودت، وقيل: النهار أي: يبست وذهبت خضرتها، أو لم يبق فيها شيء؛ من قولهم: بيض الإناء إذا فرعه، وقيل: الصريم: الرمال. {صَارِمِينَ} حاصدين.
فإن قلت: هلا قيل: اغدوا إلى حرثكم؛ وما معنى (عَلَى)؟
قلت: لما كان الغدو إليه ليصرموه ويقطعوه، كان غدوا عليه، كما تقول: غدا عليهم العدو. ويجوز أن يضمن الغدو معنى الإقبال، كقولهم: يغدى عليه بالجفنة ويراح، أي: فأقبلوا على حرثكم باكرين {يَتَخَافَتُونَ} يتسارون فيما بينهم. وخفى، وخفت، وخفد: ثلاثتها في معنى الكتم؛ ومنه الخفدود للخفاش {أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا} أن: مفسرة.
وقرأ ابن مسعود بطرحها بإضمار القول، أي: يتخافتون يقولون لا يدخلنها؛ والنهي عن الدخول للمسكين نهي لهم عن تمكينه منه، أي: لا تمكنوه من الدخول حتى يدخل، كقولك: لا أرينك هاهنا. الحرد: من حاردت السنة: إذا منعت خيرها، وحاردت الإبل: إذا منعت درَّها.
قوله:(من قولهم: ببض الإناء)، الأساس:"بيض الإناء: ملأه وفرغه. وعن بعض العبر: ما بقي لهم صميل إلا بيض، أي: سقاء يابس إلا ملئ".
قوله:(من حاردت السنة إذا منعت خيرها)، الراغب:"الحرد: المنع عن حدة وغضب، قال تعالى:{وغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ}[القلم: ٢٥]، أي: على امتناع من أن يتناولوه قادرين على ذلك. ونزل فلان حريدًا، أي: متمعنا عن مخالطة القوم، وهو حريد المحل. وحاردت السنة: منعت قطرها، والناقة: منعت درها. وحرد: غضب، وحرده كذا". يغدى عليه بالجفنة ويراح: مثله قيل في حق المطلب: تغدو درته على السفهاء، وجفنته على الحكماء.