للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما مات قال بنوه: إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا ونحن أولو عيال، فحلفوا {لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} في السدف خفية عن المساكين، ولم يستثنوا في يمينهم، فأحرق الله جنتهم. وقيل: كانوا من بني إسرائيل.

{مُصْبِحِينَ} داخلين في الصبح مبكرين {ولا يَسْتَثْنُونَ} ولا يقولون: إن شاء الله.

فإن قلت: لم سمي استثناء، وإنما هو شرط؟

قلت: لأنه يؤدي مؤدي الاستثناء، من حيث إن معنى قولك: لأخرجن إن شاء الله، ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد، {فَطَافَ عَلَيْهَا} بلاء أو هلاك {طَائِفٌ} كقوله تعالى: {وأُحِيطَ بِثَمَرِهِ} [الكهف: ٤٢]، وقرئ: "طيف"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (في السدف)، الظلمة إذا اختطت بالضياء فهو السدف.

قوله: (لأنه يؤدي مؤدى الاستثناء)، قال الإمام: "قال جماعة من المفسرين: هو "إن شاء الله تعالى". يقال: حلف فلان يمينًا ليس فيها ثنيا ولا ثنوى ولا ثنية ولا استثناء، كله واحد. وأصلها من الثني، وهو الكف والرد؛ وذلك أن الحالف إذا قال: والله لأفعلن كذا إلا أن يشاء الله غيره، فقد رد انعقاد ذلك اليمين". وقال القاضي: "وإنما سمي استثناء لما فيه من الإخراج، غير أن المخرج خلاف المذكور".

وعن بعضهم: نظيره قولك: جاءني القوم سوى زيد، وهذا ليس باستثناء حقيقة، لكن لما كان معنى "سوى" المكان، قال تعالى: {لَا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ مَكَانًا سُوًى} [طه: ٥٨]، صار المعنى: جاءني القوم مكان زيد، فلما كان معناه هذا هو معنى الاستثناء، سمي استثناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>