للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى: وغدوا قادرين على نكد لا غير عاجزين عن النفع، يعني أنهم عزموا أن يتنكدوا على المساكين ويحرموهم وهم قادرين على نفعهم، فغدوا بحال فقر وذهاب مال لا يقدرون فيها إلا على النكد والحرمان، وذلك أنهم طلبوا حرمان المساكين فتعجلوا الحرمان والمسكنة. أو وغدوا على محاردة جنتهم وذهاب خيرها قادرين، بدل كونهم قادرين على إصابة خيرها ومنافعها، أي غدوا حاصلين على الحرمان مكان الانتفاع، أو لما قالوا: اغدوا على حرثكم وقد خبثت نيتهم، عاقبهم الله بأن حاردت جنتهم وحرموا خيرها، قلم يغدوا على حرث وإنما غدوا على حرد، و {قَادِرِينَ} من عكس الكلام للتهكم، أي: قادرين على ما عزموا عليه من الصرام وحرمان المساكين،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والمعنى: وغدوا قادرين على نكد)، اعلم أن {عَلَى} إما متعلق بـ {قَادِرِينَ} بـ"غدوا"؛ فإذا علق بـ {قَادِرِينَ} فالكلام فيه التخصيص، لتقديم المعمول على العامل، يخلو حينئذ: إما أن يراد بالحرد منع الخير والنكد أو الغضب.

فعلى الأول: إما أن يترك الحرد مطلقًا، فهو المراد من قوله: "قادرين على نكد لا غير عاجزين عن النفع"، كقولهم: فلان لا يملك إلا الحرمان، ولا يقدر إلا على الخيبة، على المبالغة، قال:

فأصبحت من ليلى الغداة كقابض .... على الماء خانته فروج الأصابع

أو يجعل الحرد مقيدًا بجنتهم، فهو المراد من قوله: "أو وغدوا على محاردة جنتهم وذهاب خيرها قادرين" إلى آخره. و"على محاردة" متعلق بـ"قادرين"، قدم عليه.

وعلى الثاني: وهو أن يراد بالحرد الحنق والغضب؛ المعنى ما قال: "لم يقدروا إلا على حنق وغضب"، وفيه الحصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>