فإن قلت:{أُخْرَى} ما محلها من الإعراب؟ يحتمل الرفع والنصب: أما الرفع فعلى قوله: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}[الحاقة: ١٣]، وأما النصب فعلى قراءة من قرأ:{نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}[الحاقة: ١٣]، والمعنى: ونفخ في الصور نفخة واحدة، ثم نفخ فيه أخرى. وإنما حذف لدلالة {أُخْرَى} عليها، ولكونها معلومة بذكرها في غير مكان. وقرئ:(قيامًا ينظرون): يقلبون أبصارهم في الجهات نظر المبهوت إذا فاجأه خطب. وقيل: ينظرون ماذا يفعل بهم. ويجوز أن يكون القيام بمعنى الوقوف والجهود في مكان لتحيرهم.
في مشاهدته، ومن ثم جاء:{يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ}[الأنبياء: ١٠٤]، وأما حكم الأرض فبالقبض أنسب، فاختلف لذلك التركيب؛ ولأن تقديم الحال على العامل المعنوي ضعيف.
قال ابن الحاجب: وقد اختلف في مثل: " زيد كائنا في الدار"، فجوزه بعضهم؛ لأن التقدير: استقر أو مستقر، وبعضهم يجعلون المقدر نسيًا منسيًا، والظرف هو العامل في المعنى، وهذا أرجح؛ لأنه لم يثبت ملثه في فصيح الكلام؛ ولأنه في حكم العدم، وصارت العاملة مع النائب عنه.
قوله:(فعلى قوله: {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}) يعني: جاء في ذلك الموضع كذا، فيحمل هذا عليه. وقال القاضي: دل قوله تعالى: {أُخْرَى} على أن المراد من قوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} نفخة واحدة.