للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مَقَامٌ مَّعْلُومٌ}: مقام في العبادة، والانتهاء إلى أمر الله مقصور عليه لا يتجاوزه، كما روي: "فمنهم راكع لا يقيم صلبه، وساجد لا يرفع رأسه". {لَنَحْنُ الصَّافُّونَ}: نصف أقدامنا في الصلاة، أو أجنحتنا في الهواء، منتظرين ما نؤمر. وقيل: نصف أجنحتنا حول العرش داعين للمؤمنين. وقيل: إن المسلمين إنما اصطفوا في الصلاة منذ نزلت هذه الآية. وليس يصطف أحد من أهل الملل في صلاتهم غير المسلمين. {الْمُسَبِّحُونَ}: المنزهون، أو المصلون. والوجه: أن يكون هذا وما قبله من قوله:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الكبداء: القوس الذي يملأ مقبضها الكف، والدليل على حذف الموصوف حذف النون.

قوله: (والوجه أن يكون هذا وما قبله) إلى آخره، عطف على قوله: {سُبْحَانَ اللهِ} اعتراض بين الاستثناء وبين ما وقع منه من حيث المعنى، يعني: يجعل من قوله: {ولَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ} إلى قوله: {وإنَّا لَنَحْنُ المُسَبِّحُونَ} قصة واحدة؛ ليكون مفرغًا إفراغًا واحدًا، وتقريره: ولما علمت الملائكة أن الكفرة محضرون ومعذبون تبرؤوا منهم ونزهوا الله سبحانه وتعالى بقولهم: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} أي: يصفه هؤلاء ولكن المخلصون برآء مما يصفونه به، ثم التفتوا إلى الكفرة وجاؤوا بالفاء الجزائية، أي إذا صح أنكم تفترون- والله تعالى منزه عما تقولون- وأن المخلصين من عباد الله برآء مما تصفونه، فاعلموا أنكم وآلهتكم لا تقدرون على أن تفتنوا. على الله تعالى من عباده المخلصين الذين اصطفاهم لنفسه، بل الذي تقدرون أن تفتنوه من هو مثلكم ممن قدر الله أنه من أصحاب النار، ولما فرغوا من الاحتجاج رجعوا إلى إظهار العبودية والخضوع لربهم والاعتذار عما نسب إليهم بقوله: {ومَا مِنَّا إلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ} إلى آخره.

هذا تقرير حسن، لكن قوله: "ممن علم الله بكفرهم أنهم من أهل النار لا لتقديره وإرادته" تعريج من المحجة، وفسر بمجرد الرأي، حيث فرق بين علم الله وتقديره وإرادته. قال محيي السنة: إلا من قدر الله أنه سيدخل النار أي: سبق له في علم الله الشقاوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>