للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: ١٥٩] من كلام الملائكة، حتى يتصل بذكرهم في قوله: {ولَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ} [الصافات: ١٥٨]، كأنه قيل: ولقد علم الملائكة وشهدوا أن المشركين مفترون عليهم في مناسبة رب العزة، وقالوا: {سُبْحَانَ اللهِ}، فنزهوه عن ذلك، واستثنوا عباد الله المخلصين، وبرؤوهم منه، وقالوا للكفرة: فإذا صح ذلك فإنكم وآلهتكم لا تقدرون أن تفتنوا على الله أحدًا من خلقه وتضلوه، إلا من كان مثلكم ممن علم الله- لكفرهم، لا لتقديره وإرادته، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا- أنهم من أهل النار، وكيف نكون مناسبين لرب العزة وتجمعنا وإياه جنسية واحدة؟ وما نحن إلا عبيد أذلاء بين يديه، لكل منا مقام من الطاعة لا يستطيع أن يزل عنه ظفرًا؛ خشوعًا لعظمته وتواضعًا لجلاله، ونحن الصافون أقدامنا لعبادته وأجنحتنا، مذعنين خاضعين مسبحين ممجدين، وكما يجب على العباد لربهم. وقيل:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال الإمام: إلا من كان كذلك في حكم الله وتقديره. وذلك تصريح بأن المقتضي لوقع هذه الحوادث حكم الله، وكان عمر بن عبد العزبز يحتج بهذه الآية في إثبات هذا المطلوب، أي: أن حكم الله بالسعادة والشقاوة هو الذي يؤثر في حصولها. وقلت: ويساعد عليه النظم الذي لخصناه.

قوله: (أنهم من أهل النار) متعلق بقوله: "علم الله"، أي: علم الله بسبب كفرهم أنهم من أهل النار، وقوله: "ويجمعنا وإياه" داخل في حيز الإنكار، أي: كيف تجمعنا والله سبحانه وتعالى جنسية؟ !

قوله: (أن يزل عنه ظفرًا)، أي: مقدار ظفر، كقوله:

وقد جعلتني من خزيمة أصبعًا

قوله: (وكما يجب على العباد) تقديره: ونحن- كما ذكرنا- خاضعين مسبحين، وكما يجب على العباد لربهم من الطاعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>