للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و {سُبْحَانَ اللَّهِ}: اعتراض بين الاستثناء وبين ما وقع منه. ويجوز أن يقع الاستثناء من الواو في {يَصِفُونَ}، أي: يصفه هؤلاء بذلك، ولكن المخلصين براء من أن يصفوه به.

[{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} ١٦١ - ١٦٣].

الضمير في {عَلَيْهِ} لله عز وجل، ومعناه: فإنكم ومعبوديكم {مَا أَنْتُمْ} وهم جميعا {بِفَاتِنِينَ} على الله إلا صاحب النار الذين سبق في علمه أنهم بسوء أعمالهم يستوجبون أن يصلوها.

فإن قلت: كيف يفتنونهم على الله؟ قلت: يفسدونهم عليه بإغوائهم واستهوائهم، من قولك: فتن فلان على فلان امرأته، كيف تقول: أفسدها عليه وخببها عليه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (ويجوز أن يقع الاستثناء من الواو في {يَصِفُونَ} فعلى هذا أيضًا منقطع، ولا يجوز أن يكون متصلا؛ لأن المعنى يأباه. وقيل: يجوز أن يكون الاستثناء من "جعلوا" واختار الواحدي الأول، وهو إنما يحسن كل الحسن، إذا فسر الجن بالشياطين ليرجع معناه إلى قوله تعالى حكاية عن اللعين: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص: ٨٢ - ٨٣] أي: إنهم لمحضرون النار ومعذبون حيث أطاعونا في إغوائنا إياهم، لكن الذين أخلصوا لطاعة الله وطهروا قلوبهم من أرجاس الشرك وأنجاس الكفر والرذائل ما عمل فيهم كيدنا فلا يحضرون، ويكون ذلك مدحا للمخلصين وتعريضًا بالمشركين وإرغامًا لأنوفهم ومزيدا لغيظهم، أي أنهم بخلاف ما هم عليه من سفه الأحلام وجهل النفوس وركاكة العقول. والله أعلم.

قوله: (وخببها عليه)، الجوهري: الخب: الرجل الخداع الحربز. وقد خبب غلامي فلان أي: خدعه. وقيل: خبها؛ من الخب، وهو الطرار، وقيل: التخبيب، تعليم الخب وهو الدهاء، والدهاء العلم بالشر.

<<  <  ج: ص:  >  >>