التي أضافوها إليهم. وفيه إشارة إلى أن من صفته الاجتبان والاستتار- وهو من صفات الأجرام- لا يصلح أن يناسب من لا يجوز عليه ذلك. ومثاله: أن تسوي بين الملك وبين بعض خواصه ومقربيه، فيقول لك: أتسوي بيني وبين عبدي؟ ! وإذا ذكره في غير هذا المقوم وقره وكناه. والضمير في {إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} للكفرى. والمعنى: أنهم يقولون ما يقولون في الملائكة، وقد علم الملائكة أنهم في ذلك كاذبون مفترون، وأنهم محضرون النار معذبون بما يقولون، والمراد المبالغة في التكذيب؛ حيث أضيف إلى علم الذين ادعوا لهم تلك النسبة.
وقيل: قالوا: إن الله صاهر الجن فخرجت الملائكة. وقيل: قالوا: إن الله والشيطان أخوان. وعن الحسن: أشركوا الجن في طاعة الله. ويجوز إذا فسر الجنة بالشياطين: أن يكون الضمير في {إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} لهم، والمعنى: أن الشياطين عالمون أن الله يحضرهم النار ويعذبهم، ولو كانوا مناسبين له أو شركاء في وجوب الطاعة لما عذبهم. {إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} استثناء منقطع من المحضرين، معناه: ولكن المخلصين ناجون.
قوله:(والمراد المبالغة في التكذيب) يعني كذبهم الله بقوله: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا} حيث سماهم بالجنة، ولما أريد التتميم ومزيد المبالغة قيل:{وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ} حيث أوقع الجملة القسمية حالا وأعيد لفظ {الْجِنَّةُ} للتوضيع والتكذيب وجعلهم عالمين بأن معظمهم معذبون بتلك المقالة كما تقول: إن الذي مدحته وعظمته هو الذي يعلم أنك كاذب وهو يسعى في نكالك وخزيك.
قوله:(وقيل: قالوا إن الله والشيطان أخوان) قال الإمام: روينا أن قوما من الزنادقة يقولون: إن الله وإبليس أخوان، والله هو الأخ الكريم، وإبليس هو الأخ الشرير الخسيس. وعندى أن هذا القول أقرب وهو مذهب المجوس القائلين بيزدان وأهرمن.