أي: كل شيء خلقه فقد أحسنه. سميت الذرية نسلًا؛ لأنها تنسل منه، أى: تنفصل منه وتخرج من صلبه ونحوه قولهم للولد: سليل ونجل، و (سَوَّاهُ) قوّمه، كقوله تعالى:(فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ)] التين: ٤ [ودل بإضافة الروح إلى ذاته على أنه خلق عجيب لا يعلم كنهه إلا هو، كقوله:(وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) الآية] الإسراء: ٨٥ [كأنه قال: ونفخ فيه من الشيء الذي اختص هو به وبمعرفته.
وفي ((الحُجَّة)): {خَلْقَهُ} منصوبٌ على المفعول المُطلَق من قوله: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ} والضميرُ لله كقوله: {صُنْعَ اللَّهِ}[النمل: ٨٨]، و {وَعْدَ اللهِ}[النساء: ١٢٢]. قال: هو مذهبُ سِيبَويه، ويجوز البَدَلُ.
قوله:(لأنَّها تَنسِلُ منه) نَسَل الوَبْرُ وريشُ الطائرِ بنفسه يتعدَّى ولا يتعدَّى.
قوله:(ونَفخَ فيه مِن الشَّيء الَّذي اختَصَّ هو بهِ وبمعرفتهِ)، هذا معنى الإضافةِ؛ لأنه لا يُضافُ إلى الله إلاَّ مالَه فَخامةٌ في نَفسِه، إذ كلُّ شيءٍ مملوكُه ومختصٌّ به؛ كقولك: بيتُ الله، وناقةُ الله.
قال القاضي: أضافه إلى نفسِه تَشريفًا [له] وإشعارًا بأنّه خَلْق عَجيبٌ، وأنَّ له شأنًا وله مناسبةً ما إلى الحضرة الرُّبوبية؛ ولأجله قيلَ: مَنْ عَرف نفسَه فقد عَرف ربَّه.
قوله:(وقرئ: {أَءِنَّا} و ((إنّا)) على الاستفهام وتَرْكِه)، بتَرْكِه: نافعٌ، والباقون: بالاستفهام.