للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن عطاءٍ رحمهُ الله: أنَّ رجُلاً قال له: إنّ أخي يَضرِبُ بقَلَمِه ولا يعدُو رِزقَه. قال: فَمَن الرّأسُ؟ يعني: مَن يكتُبُ له؟ قال: خالدُ بنُ خالدُ بنُ عبدِ الله القَسْريّ. قال: فأينَ قولُ موسى؟ وتلا هذه الآيةَ. وفي الحديثِ: ((ينادي منادٍ يومَ القيامة: أينَ الظَّلَمَةُ وأشباهُ الظَّلَمةِ وأعوانُ الظَّلَمة؟ حتّى من لاقَ لهم دَواةً أو بَرى لهم قلمًا، فيُجمعونَ في تابوتٍ من حديدٍ فيُرمى به في جهنّم)). وقيل معناه: بما أنعمتَ عليَّ من القُوّة، فلن أستَعْمِلَها إلاّ في مُظاهرةِ أوليائِك وأهلِ طاعتِكَ والإيمانِ بك، ولا أدعُ قِبْطِيًّا يَغْلِبُ أحدًا من بني إسرائيل.

[{فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ*فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} ١٨ - ١٩]

{يَتَرَقَّبُ} المكروهَ وهو الاستقادةُ منه، أو الأخبار وما يُقال فيه، ووَصَفَ الإسرائيليَّ بالغَيِّ؛ لأنّه كان سببَ قتلِ رجل، وهو يقاتِلُ آخَر. وقرئ: (يَبْطُش)، بالضَّمّ. والذي هو عدوٌّ لهما: القِبْطِيّ؛ لأنّه ليسَ على دينِهِما، ولأنّ القِبْطَ كانوا أعداءَ بني إسرائيل.

والجبّارُ: الذي يفعلُ ما يريدُ من الضَّرْبِ والقَتلِ بظلم، لا ينظُرُ في العواقبِ، ولا يدفَعُ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قولُه: (لا يعدو رزقَه)، أي: لا يتجاوزُ عما عُيِّنَ لهُ مِنَ الرزق، أي: الأُجْرةِ على عَمَلِه.

قولُه: (مَنْ لاقَ لهُمْ دَواة)، الجوهري: لاقَتِ الدواةُ تليق؛ أي: لَصِقَتْ، ولِقْتُها أنا؛ يتعدّى ولا يتعدّى، وهيَ مَلِيقة: إذا أَصلَحْتَ مِدادَها. الأساس: لِقْتُ الدّواة، وأَلَقْتُها؛ فلاقَت، وهذهِ لِيقةُ الدّواة؛ أي: بعضُ أخلاطِها.

قولُه: (والجَبّارُ: الذي يفعلُ ما يُريد)، الراغب: والجَبّارُ في صِفةِ الإنسان: مَنْ يَجْبُرُ نَقِيصتَهُ بادِّعاءِ مَنزِلةٍ مِنَ التعالي لا يَستَحِقُّها، وهذا لا يُقالُ إلا على طريقِ الذّمِّ؛ كقولهِ تعالى: {وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} [إبراهيم: ١٥]، {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [مريم: ٣٢]. وأمّا

<<  <  ج: ص:  >  >>