للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"بورك من في النار"، وقيل له: (أَلْقِ عَصَاكَ). والدليل على ذلك قوله عز من قائل: (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) [القصص: ٣١] بعد قوله: (أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللَّهُ) [القصص: ٣٠] على تكرير حرف التفسير، كما تقول: كتبت إليك أن حج وأن اعتمر، وإن شئت أن حج واعتمر.

وقرأ الحسن: (جأنّ) على لغة من يجدّ في الهرب من التقاء الساكنين، فيقول: شأبّة ودأبّة. ومنها قراءة عمرو بن عبيد: (وَلا الضَّالِّينَ).

(وَلَمْ يُعَقِّبْ): لم يرجع، يقال: عقب المقاتل، إذا كرّ بعد الفرار. قال:

فما عقّبوا إذ قيل: هل من معقّب؟ … ولا نزلوا يوم الكريهة منزلا

وإنما رعب لظنه أن ذلك لأمر أريد به، ويدل عليه: (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (والدليل على ذلك)، أي: على أنه معطوفٌ على قوله: {أَنْ بُورِكَ} مجيئه في القصص: {فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٣٠) وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ} [القصص: ٣٠ - ٣١] وإن كرر فيه حرف التفسير.

قوله: (فما عقبوا إذ قيل) البيت، يوم الكريهة: يوم الحروب. يصف فرار قومٍ من المحاربة بحيث لا يرجعون بعده، ولا ينزلون منزلًا من الخوف.

قوله: (رعب)، رعب الرجل: ملئ خوفًا. رعب السيل الوادي: ملأه. وامرأةٌ رعبوبةٌ: ملئت شحماً ولحمًا.

قوله: (لأمرٍ أريد به)، يعني: إنما {وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ}، لخوفٍ عظيمٍ واستشعارٍ ظن أن في قلب العصا حيةً أمرًا أريد به هلاكه.

<<  <  ج: ص:  >  >>