للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعن الحسن: لم تسفههم المعاصي. وقيل: إذا سمعوا من الكفار الشتم والأذى أعرضوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (عن الحسن: لم تسفههم المعاصي)، روى محيي السنة عن الحسن والكلبي: اللغو: المعاصي كلها، يعني: إذا مروا بمجالس يعصى اله فيها مروا مسرعين معرضين إذ لو وقف أو لم يعرض، بل نظر، عد سفيهاً، يقال: تكرم فلانٌ عما يشينه: إذا تنزه وأكرم نفسه عنه.

ثم هذه الخاتمة، أعنى: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} إذا فسر قوله: {لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ} بأنهم ينفرون عن محاضر الكذابين والخطائين، على أن {يَشْهَدُونَ} بمعنى يحضرون، كانت كالتميم له، وإذا فسر بأنهم لا يشهدون شهادة الزور كانت كالتكميل له، ويجوز أن يكون تتميماً على تفسير الحسن، لأن من وقف مواقف السفهاء سفه، ويكون قدحاً في عدالته.

قوله: (إذا سمعوا من الكفار الشتم والأذى أعرضوا)، عبر أولاً عن سماع اللغو بالمرور به، لأن المرور به دل على أصحابه، ودل ذلك على سماعه منهم. وثانياً: عن الإعراض عنه بالمرور به. على تلك الحالة، فإن الكريم إذا مر باللغو أعرض عنه. قال تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: ٦٣]. قال:

وأعرض عن شتم اللئيم تكرما

وتخصيص المرور بالذكر، للإيذان بأن ذلك دأبهم وعادتهم، قال تعالى: {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: ١٨٩]، أي: استمرت بذلك الحمل ولم يثقلها قط. قال الزجاج: فمرت به، معناه: استمرت به، قعدت وقامت ولم يثقلها. ونحوه في المعنى قول الشاعر:

وقد أمر على اللئيم يسبني … فمضيت ثمة قلت لا يعنيني

<<  <  ج: ص:  >  >>