للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإثم، لأنّ حضورهم ونظرهم دليل الرضا به، وسبب وجوده، والزيادة فيه، لأنّ الذي سلط على فعله هو استحسان النظارة ورغبتهم في النظر إليه. وفي مواعظ عيسى بن مريم صوات الله عليه: إياكم ومجالسة الخطائين. ويحتمل أنهم لا يشهدون شهادة الزور، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. وعن قتادة: مجالس الباطل. وعن ابن الحنفية: اللهو والغناء. وعن مجاهد: أعياد المشركين. اللغو: كل ما ينبغي أن يلغى ويطرح. والمعنى: وإذا مروا بأهل اللغو والمشتغلين به. مرّوا معرضين عنهم، مكرمين أنفسهم عن التوقف عليهم والخوض معهم، كقوله: (وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ) [القصص: ٥٥]،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويذهب بينها المرئي لغواً … كما ألغيت بالدية الحوارا

وهي استعارة مصرحة تحقيقية، فالقرينة استعمال المرور فيه، فالمناسب أن يحمل الشهود على الحضور، ويجعل الزور استعارةً عنها، لأنها باطلة كما استعير {شَفَا جُرُفٍ هَارٍ} [التوبة: ١٠٩] للقاعدة الباطلة لمسجد الضرار، فيكون اللغو مظهراً وضع موضع المضمر، كأنه قيل: لا يحضرون تلك المشاهد، وإذا مروا بها مروا غير ملتفتين إليها ولا يجيلون النظر إليها استحساناً، لأن قصدهم في البناء سلب نظر الخلق إليها. قال أبو حامد في "الإحياء": إن السلاطين في زماننا هذا ظلمة قلما يأخذون شيئاً على وجهه بحقه، فلا يحل معاملتهم ولا معاملة من يتعلق بهم، حتى القاضي، ولا التجارة في الأسواق التي بنوها بغير حق، والورع اجتناب الربط والمدارس والقناطير التي بنوها بالأموال المغصوبة التي لا يعلم مالكها.

قوله: (هو استحسان النظارة)، واستحسان ما قضى الإسلام بقبحه، يضرب إلى الكفر، ولهذا قيل: الابتهار بالذنب أعظم من ركوبه، والابتهار: أن يقول: فعلت، وقد فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>