للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والظمآن الوارد، والعقيم الوالد. أو: فإنه يرجع إلى الله وإلى ثوابه مرجعا حسنا وأىّ مرجع! .

[(وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً)].

يحتمل أنهم ينفرون عن محاضر الكذابين ومجالس الخطائين فلا يحضرونها ولا يقربونها، تنزها عن مخالطة الشر وأهله، وصيانة لدينهم عما يثلمه؛ لأنّ مشاهد الباطل شركة فيه، ولذلك قيل في النظارة إلى كل ما لم تسوّغه الشريعة: هم شركاء فاعليه في

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (أو فإنه يرجع إلى الله وإلى ثوابه مرجعاً حسناً)، وعلى هذا معنى "يتوب": يرجع لغةً.

فإن قلت: لم وضع في الوجهين السابقين "تائب" في موضع "يتوب"، وصرح في الأخير بالمضارع حيث قال: يرجع؟ قلت: ليؤذن في الوجهين أن المضارع للاستمرار والدوام، وفي الأخير بأن الثواب منتظرٌ.

فإن قلت: ما الفرق بين الوجه الأول والثاني حين جعل الموصوف في الأول {مَتَابًا} وفي الثاني الله تعالى، والشرط والجزاء متحدان فيهما؟ قلت: ما ذكرنا أن القصد الأولى في التكرير على الأول إلى جعل الجزاء عين الشرط من غير نظرٍ إلى ذكر الله، فوصف مصدر الفعل، وعلى الثاني إلى مجرد إناطة اسم الله عز وجل به، من غير نظرٍ إلى المنوط به، فوصف ما جلب له المكرر، لأنه المقصود.

قوله: (ينفرون عن محاضر الكذابين)، فالشهادة بمعنى الحضور، والزور بمعنى الباطل، النهاية: الزور: الكذب، والباطل، والتهمة. الأساس: وفي صدره زورٌ: اعوجاجٌ، وهو شاهد زور.

قوله: (ما لم تسوغه الشريعة) فيدخل فيه أبنية الظلمة وما يلحق بمسجد الضرار، هذا بطريق العموم، ويمكن سلوك طريق الخصوص ويحمل اللغو مجازاً على ما نسقطه من الأبنية، وقد استعار جريرٌ في الأعيان في قوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>