ليؤذن به أن من تكون توبته إلى من اسمه الله فأعظم بتوبته، وقد سبق أن اسمه الأعظم جامعٌ لسائر صفاته الحسنى وأسمائه العظمى، وله في كل مقامٍ تجل بحسب اقتضاء ذلك المقام، والمقابل له. وهذا المقام مقام التوبة، فالتجلي بوصف التوابية، وإليه الإشارة بقوله:"إلى الله الذي يعرف حق التائبين، ويفعل بهم ما يستوجبون، والذي يحب التوابين ويحب المتطهرين"، والذي يفرح بتوبة التائبين فرحاً لا فرح فوقه.
قوله:(لله أفرح بتوبة العبد)، روينا عن البخاري ومسلم والترمذي، عن الحارث بن سويد، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"لله أفرح بتوبة عبده المؤمن من رجلٍ نزل بأرض دويةٍ مهلكة، معه راحلته عليها طعامه وشرابه، فوضع رأسه فنام نومةً فاستيقظ وقد ذهبت راحلته، فطلبها حتى إذا اشتد عليه الحر والعطش أو ما شاء الله، قال: أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه، فأنام حتى أموت، فوضع رأسه على ساعده ليموت فاستيقظ، فإذا راحلته عنده، وعليها زاده وشرابه، فالله أشد فرحاً بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته". الدوية: الفلاة والمفازة. والراحلة: البعير الذي يركبه الإنسان، ويحمل عليه متاعه، والفرح من الله سبحانه وتعالى: غاية الرضا.
يقول العبد العاصي الغريق في بحر المعاصي: أنا أتوسل بما صدر عن صدر حبيبك لقبول توبتي ومحو حوبتي: "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي ذنوبي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت" أخرجه البخاري والترمذي والنسائي، عن شداد بن أوس، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو سيد الاستغفار.
باء بإثمه يبوء بوءاً، أي: رجع به، وصار عليه. وتقول: باء بحقه، أي: أقر، وذا يكون أبداً بما عليه، لا له.