أحلى من الخل، وحاصل الجوابين أنه سأل أولاً عن الاشتراك في الثواب، وأجاب انه من باب التهكم على وجه لزم منه وجه التفصيل، ثم سال ثانياً عن وجه التفصيل، وأجاب بوجه عام غير ما لزم أولاً، أي: ثواب المؤمنين أبلغ في بابه من عقابهم في بابه، فلا يكون السؤال الثاني مستدركاً.
قال صاحب "الفرائد": هذا بعيدٌ عن الطبع عن الطبع والاستعمال، ولم أظفر في تراكيبهم بما يفيد هذا المعنى، ولم يُذكر ما يكونُ دليلاً على تحقيقه في كلامهم، ثم إنه أراد بما قال، أن الأعمال الصالحة في ثوابها خيرٌ من مفاخرتهم في ثوابها، وهو النارُ، ويمكن أن يُقال: المرادُ ثوابُ الأعمال الصالحة في الآخرة خيرٌ من ثوابهم في الدنيا، وهو ما حصل لهم منها من الخير بزعمهم، ومما أوتوا من المال والجاه والمنافع الحاصلة منهما.
وقال صاحب "التقريب": وفي قول المصنف نظرٌ، إذ يؤول إلى أن ثوابهم في بابه أبلغ من عقابهم في بابه، وهو غير محقق ولا مناسب للتهديد، بل الأولى أن تُجرى الخيرية أيضاً على التهكم كما ذكر في الثواب، كأنه قال: ثوابهم النار، وهو ثوابٌ حسن على التهكم، وهذا أحسنُ منه وخيرٌ.
والجواب عن قوله:"ولم أفر في تراكيبهم ما يفيد هذا المعنى"، هو أن الزجاج ذكر في تفسير قوله تعالى:(قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ)[الفرقان: ١٥]: إن قال قائل: كيف يقال: الجنة خير أم النار، وليس في النار خيرٌ البتة؟ فيقال: إنما وقع التفضيل فيما دخل في صنف واحد، فالجنة والنار قد دخلا في باب المنازل في صنفٍ واحد، فلذلك قيل:(قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ)[الفرقان: ١٥]، كما قال:(خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً).