للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله:

شجعاء جرّتها الذّميل تلوكه … أصلا إذا راح المطي غراثا

وقوله:

تحيّة بينهم ضرب وجيع

ثم بُنى عليه خير ثوابا. وفيه ضربٌ من التهكم الذي هو أغيظ للمتهدد من أن يقال له: عقابك النار. فإن قلت: فما وجه التفضيل في الخير كأن لمفاخرهم شركا فيه؟ قلت: هذا من وجيز كلامهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (شجعاء جرتُها الذميلُ) البيتُ، "شجعاءُ" من الشجاعة، والشجعُ في الإبل: سرعةُ نقل الأقدام، يقال: ناقةٌ شجعةٌ، الجرة بالكسر: ما تجتره الإبل من أجوافها من العلف، والذميلُ: ضربٌ من السير، واللوكُ: مضغُ الشيء. إذا راح، أي: دخل في الرواح، وهو من زوال الشمس إلى الليل، وغراثاً، أي: جياعاً من السير.

تقولُ: تسير هذه الناقة الشجعاء لمفازة فسيرها لها بمثابة الاجترار لغيرها إذا كان سائرُ المطايا لا تسيرُ، ومثله في المعنى قول أبي تمام:

وركبٍ يساقون الركاب زجاجة … من السير لم يقصد لها كف قاطب

جعل الشاعرُ بالادعاء أفرادَ جنس الجرة قسمين، متعارفٌ هو: ما تفعله الإبل عند إخراج العلف، غير متعارفٍ وهو: السير، وكنى عنه بأحدِ قسميه وهو الذميل. والبيت إنما استشهد به لهذا المعنى فقط.

قوله: (هذا من وجيز كلامهم)، أي: في الكلام حذفٌ وإضمارٌ، ومن الأمثلة: العسلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>