لا تكون إلا واضحة وحججا (لِلَّذِينَ آمَنُوا) يحتمل أنهم يناطقون المؤمنين بذلك ويواجهونهم به، وأنهم يفوهون به لأجلهم وفي معناهم، كقوله تعالى:(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ)[الأحقاف: ١١]. قرأ ابن كثير (مَقاماً) بالضم وهو موضع الإقامة والمنزل، والباقون بالفتح وهو موضع القيام، والمراد: المكان والموضع. والندىّ: المجلس ومجتمع القوم، وحيث ينتدون. والمعنى: أنهم إذا سمعوا الآيات وهم جهلة لا يعلمون إلا ظاهرا من الحياة الدنيا وذلك مبلغهم من العلم، قالوا: أىّ الفريقين من المؤمنين بالآيات والجاحدين لها أوفر حظا من الدنيا حتى يجعل ذلك عيارا على الفضل والنقص، والرفعة والضعة. ويروى أنهم كانوا
الراغب: النداءُ: رفعُ الصوت وظهوره، وقد يقال للصوت المجرد، كقوله تعالى:(مَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاءً وَنِدَاءً)[البقرة: ١٧١]، أي: لا يُعرف، أي: الصوت المجرد دون المعنى الذي يقتضيه تركيبُ الكلام، ويقالُ للمركب الذي يُفهم منه المعنى ذلك كقوله تعالى:(وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى)[الشعراء: ١٠]، وقوله:(وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ)[المائدة: ٥٨]، أي: دعوتم. ونداءُ الصلاة مخصوصٌ بالألفاظ المعروفة، وأصلُ من الندى، أي: الرطوبة، يقال: صوتٌ ندٍ، أي: رفيعٌ. واستعارةُ النداء للصوت من حيث إن من تكثر رطوبةُ فمه يحسن كلامه، ولهذا يوصف الفصيح بكثرة الريق، يقال: ندى وأنداءٌ وأنديةٌ، ويُسمى الشجرُ ندى لكونه منه، وعُبر عن المجالسة بالنداء حتى قيل للمجلس: النادي والمنتدى والنُّديُّ، وقيل ذلك للجليس، قال تعالى:(فَلْيَدْعُ نَادِيَه)[العلق: ١٧]، ومنهُ سُميت دارُ الندوة بمكة، وهو مكانٌ يجتمعون فيه، ويعبر عن السخاء بالندى، فيقال: أندى كفا من فلان، ويتندى على أصحابه، أي: يتسخى، وما نديت بشيءٍ من فلان، أي: ما نلتُ منه ندى.